وا..عناقي ما ثمنها ولا "نيره" صابته علة خلف يا مال الفرقا من "شواكل" جفرتي عرّم اقديره دوك حتى "موخره" صار به فرقى ونحن ندرك مدى صعوبة قراءة أو حتى فهم بعض معاني البيتين على جيلنا الجديد من غير متذوقي الشعر الشعبي، كان لا بد أن نوضح أن شاعرنا وإن كنّا لا نستبعد أن يكون قد قالها من باب المداعبة، حيث كان يتحسر في قصيدته على فقد "عناقه"، وهي الجفرة أو صغيرة الماعز، واستخدم صيغة المبالغة وهو يذكر أن ثمنها ليس "نيره" فقط، بل أكثر من ذلك بكثير، مع أن النيرة عملة ذهبية تساوي وقتها قيمة جمل. سرقوا الديك ولم يخمده «الماء البارد» وصاح بصوته وتبعه صاحبه وفرّ اللصوص وعرفهم من «قدور وصحون» أمهاتهم حرامية الدجاج! ويذكر أن أحد "حرامية الدجاج" أو ما كان يعرف ب "لصوص الخِشرة" سرق جفرته في ليلة مظلمة، وأكلها مع شركائه.. وكون الشاعر الضحية أحد المدعوين من قبل هؤلاء على الوجبة الدسمة، وهو لا يعرف أنها جفرته، فإنه قد شاهد اللص صاحب الدعوة بعينه وهو (يعرّم) أي يملأ قدره من "شواكل" الجفرة، ويقصد بذلك لحم وشحم ما حول البطن، ورفع صياحه ونياحه بعد اكتشاف المقلب قائلاً لمن حوله انظروا إلى امتلاء مؤخرة المتهم؛ بسبب "شواكل" الجفرة دليلاً على كثرة شحومها ولحومها وطيب مأكلها، وللأمانة فالشاعر قال عبارة أخرى لطفناها بكلمة "موُخِره" لها نفس عدد الحروف، فقط استبدلنا فيها الكاف واوا والتاء راءً مع تحريك أحد الحروف!. قراصنة الزمن الجميل حرامية الدجاج هؤلاء أو قراصنة الزمن الجميل هم توليفة من الشباب الأشقياء والمراهقين عرفوا في القرى والهجر وأحياء المدن فترة من الفترات، ربما إلى نهاية الثمانينات الهجرية، وكانوا يشكلون عصابات صبيانية يغلب عليها طابع البراءة وسط مجتمع يقابلهم فيه حتى منهم بعض ضحاياهم بنوع من القبول الداخلي، وغض الطرف عن أفعالهم، مكتفين في اليوم التالي بالتندر على حرفنتهم في تنفيذ غاراتهم الليلية على حظائر الدجاج والأرانب وصغار المواشي، وكل ما يصلح للأكل ويكبح عندهم سلطان الجوع الجائر، حيث لا نقود يمتلكونها ولا حتى محلات تجارية توفر مطالبهم. الحرامي «صقع» رأس الحارس ب«الشّمام» وسال على وجهه وخرج مسرعاً في «العتمة»..«يا مخي مخاه»! "عشاء الخشرة"! ويتذكر بعض هؤلاء كيف كان أحدهم ينسل من فراشه بحدود العاشرة مساءً في بعض الليالي، وهو ما يعرف عندهم ب "انكفاف الرِّجل"، وخلو شوارع القرية أو الحارة من المارة بعد أن يطمئن إلى خلود الأسرة وكل قريته للنوم، ثم يتوجه إلى مكان مهجور يجتمع عادة عنده أعضاء المجموعة -إما بطن وادٍ أو بيت خرب- وهو يحمل حصته في المشاركة ب"عشاء الخشرة" -كما يسمونه- وهي إما أن تكون قدرا أو صحنا أو كبريتا أو صرة ملح جاء بها من منزل أهله دون علمهم، ويبقى بعد ذلك العنصر الأهم وهو "اللحم" سواء كان دجاجاً أو أرانب أو حمَاماً أو حتى "تيساً" أو خروفا صغيرا يسرق من أحد البيوت أو المزارع، ويستهدف بها البخلاء والميسورين فقط، مع تجنب بيوت الفقراء والأرامل والأيتام وفق معايير أخلاقية عالية تشمل أيضاً طرائدهم إن كانت تربي صغاراً، أو ترقد على بيض، ويتم تنفيذ العملية بمجهود جماعي يتقاسم فيه الأعضاء الأدوار بين مهاجم ومساند، حيث تنطلق كل مجموعة إلى جهة معينة بعد أن يتجردوا من ملابسهم حتى لا يمسك بهم عند العثور عليهم أو مطاردتهم، وينطلقون بحذر إلى أحد البيوت أو الحظائر يحمل بعضهم سكيناً أو ماءً بارداً يرش به الدجاج؛ لتسهيل عملية الإمساك به وإخماد صيحاته حتى لا يوقظ أهل المنزل؛ فيفتضح أمرهم أو يستدل على مكانهم من الصوت، مثل ذاك الذي نهب ديكاً تركه حياً ولم يسكته بالماء البارد؛ فتمكن صاحب الديك من الاستيقاظ وتتبع وجهة اللص في ظلمة الليل، من خلال صياح الديك حتى أوصله إلى مكان زملائه الذين فروا فاستولى على بعض ملابسهم وأواني الطبخ التي جلبوها من منازلهم وتعرف عليهم؛ لأنه يعرف كل آنية ومن أي البيوت خرجت فهذا قدر أم فلان، وهذا صحن فلان، والإبريق والفناجيل وهكذا. ضرب الدجاجة ب«أم صتمة» على جبهتها ودارت مثل «المروحة»..وآخر سرقوا عنزه وصار أول المعزومين على المائدة! حكم القاضي مثل هذه التصرفات انقسم حولها المجتمع المحيط -كما ذكرنا-.. يتقبلها البعض منهم دون إعلان رضاه، ويرفضها آخرون ويصل بعضها إلى أروقة المحاكم والمطالبة بإيقاع اشد العقوبات ورد الثمن، وعندما نفتش سجلات بعض المحاكم الشرعية لقضايا ونزاعات رصدت بين متخاصمين في الستينيات والسبعينيات لا بد أن نجد من بينها دعاوى شبيهة بتلك المدونة بسجلات إحدى المحاكم الشرعية منذ العام 1378ه، عندما تقدم أحدهم بدعوى ضد أحد ابناء جيرانه والذي سطا ليلاً على بيت الدجاج بمنزله وسرق دجاجتين وديكاً كان يوقظه لصلاة الفجر -كما يقول-، وتسبب في تحطيم تسع من البيض وأحضر معه لفافة ريش ورؤوساً قال للقاضي انه تتبع الأثر فوجدها ملقاة خارج البلدة على اثر اللص المتهم، وتعرف عليها وعلى أثره.. القاضي طلب يمين المتهم فرفض فحكم عليه بثماني جلدات ودفع مبلغ 17 ريالاً. سطا على بيت جيرانه وسرق دجاجتين وديكاً وكسّر تسع بيضات وحكم عليه القاضي بثماني جلدات و17 ريالاً بنادق "أم صتمة" وكان هؤلاء "الحرامية" قد غيّروا مواعيد تنفيذ عملياتهم مع ظهور البنادق الهوائية "أم صتمة"؛ فكانوا يخرجون قبيل صلاة المغرب يترصدون للدجاج والأرانب التي تخرج من البيوت أو تعود إليها، بمثل هذا الوقت؛ فيقومون باصطيادها وتركها في المكان بعد أن يذكروا عليها اسم الله؛ ليعودوا إليها عندما يعم الظلام. هذا الشاب كان قد خرج ببندقيته الهوائية وصوبها على دجاجة إحدى عجائز الحي، ومن سوء الحظ أن الإصابة قد جاءت في رأس الدجاجة التي علا صياحها واخذت تدور كمروحة، وهي تقفز في الهواء، ثم تعود إلى مكانها فهرعت العجوز صوب الصوت، وأمسكت بالمعتدي، وصادرت منه البندقية التي دخلت بها داخل منزلها واغلقت الباب؛ فظل يطرق الباب يتوسلها لاسترجاع بندقيته وهو يردد اليمين تلو الاخر قائلاً: "يا خالة والله العظيم اني احسبها شويلة"، -والشويلة طائر يعرفه الصيادون وهي بحجم أو أصغر من العصفور ولا يمكن مقارنة حجمه بحجم دجاجة مثل دجاجة "أم نايف"!-. "يا مخي..مخاه"! بعضهم كان يتبع بعض أساليب اللصوص المحترفين الذين ينفذون عملياتهم ليلاً؛ فيقف أحدهم على رأس الشخص الذي يحرس المكان إن كان نائماً، وفي يده عصا غليظة يستعد للاهواء به على رأسه مجرد حدوث أي حركة تدل على استيقاظه، والآخر ينفذ العملية، ويطبق هؤلاء الشباب طريقتهم مع "الرواصيد" الذين يحرسون مزارع البطيخ والنخيل، وكان اثنان منهم قد دخلوا إلى احدى المزارع، حيث ذهب احدهم ليفتش عن البطيخ الطيب، ووقف أحدهم على "الراصود" الغارق في النوم، وفي يده ثمرة "شمام" مستوية، وعندما تحرك الحارس أهوى على رأسه بالشمام وما بين قوة الضربة وفزع الاستيقاظ جن جنون "الراصود" وهو يمد يده ليتحسس مكان الضربة على رأسه، وقد سال لب الشمام معتقداً انه ضربه بحجر خرج منه دماغه، وعندها انطلق إلى القرية ركضاً بحثاً عمن ينقذه وهو ممسك برأسه ويصيح بأعلى صوته مستنجداً بالقرية (يا مخي..مخاه). شاعر رثى ديكه على يد «البزوني» الغادر! ممارسات مضت بزمنها الجميل، لكنها تركت في الذاكرة كثيراً من الحكايات والمواقف الطريفة، ومن "البكائيات" أو الرثائيات التي تُصنّف ضمن قصائد الدعابة لشعراء كبار منهم شاعر عنيزة "عبد المحسن الصالح" عندما فقد ديكه في مؤامرة رخيصة نفذها "البزوني" كما أسماه، وهو إما أن يكون اسماً لقط حقيقي، أو قط بشري من هؤلاء (لا فرق).. نفذها أثناء ما كان الديك يؤذن لصلاة الفجر وبطريقة خاطفة؛ لدرجة أن صوت أذانه سمع أوله في منارة المسجد وآخره في بطن اللص، كما وصف، فرثاه بقصيدة تم حبكها بفصول وسيناريو مسرحي متقن معدداً من خلالها الكثير من خصال الفقيد وهي تتدرج نحو النهاية المؤلمة التي آل اليها الناسك الشجاع، والقصيدة طويلة جداً وتحمل فصولاً أخرى اكتفينا منها ببعض أبيات طريفة تنبئ عن مضمون قصة ديكه مع "البزوني الغادر" وجاء منها: لي ديك ظبطٍ توقيته أيوع النايم تصويته لولا طيبه ما شريته بريال وقرش الدلالي لكن ممدوح لي طيبه ترتيب الساعة ترتيبه لولا أذانه ويش ابيبه ماني في سن الجهالي اذانه بالحيل كويس يذن على آذان الريس وأنا أجزم ماني باقيّس انه ارخيصٍ بريالي ما أكبر حظك ياللي حاشه ينام امريحٍ بفراشه لو مامليت الخراشه ايوعيك آذان التالي يعجب من شافه بنقوشه والغلب الضوقه منقوشه والنصبه كبة طربوشه والرجل بحجر السروالي عرفه افرق ماهو بلدم لاكنه مصبوغٍ بالدم يصدم بالهوش ولا يصدم من ناظر هوشه يهتالي عجين الحنطه ماكوله مع ما حصل من محصوله الحكي كثره وشوله ياكل مع بنتي وعيالي من غليْه عندي عززته باربع فرخاتن جوزته كني سلطانٍ من حزته القصد انه عندي غالي اثر الجيران احسدوني على ديكي زين اللوني قالو نرسل له بزوني وذفٍ باالدرب وختالي وانا ياغافل لك الله مدري بخيانة خلق الله ما هوجس به قلبي والله آمن ولا هي في بالي اثر الدنيا عابيتله تبرْم للديك وتفتله ماهي للديك آويتله ماهو بأول ولا تالي يوم الله دبر ماكان صيَّف ديكي بالاذان قحص مربوش وعجلان قلبه من صيفه يجتالي بيْن راسه هو وحنوكه وأيلين الفرجه مفكوكه على افم الكيسه متكوكه بافم البزوون الخيالي واصهل با ذانه مايدري ان الحقه حطت خبري وافقع ظاروبه بالعبري والا انه من راسه خالي بالمناره اول صوته والتالي في بطن الحوته توحي في بطنه زغروته يلوي بالغبه ويلالي راس الريس صار اضحوكه عليه اللص اقفل بوكه مافكه طوعه وانسوكه من سيف القوم القتالي حدا زوجاته حستبه لكن موته مادريت به قالت يا اختي زوجك وش به يرقص كنه فيه هبالي قالت يلعب لعب العرضه او ينفض بشته في ارضه والا الريس يقضي فرضه لا والله طاح الرجالي