في القواعد التربوية والتعليمية والأعراف المدرسية اليومية يمثل العريف شخصية ذات سمات قيادية مشهود لها. ومن وجهة نظر أقرانه أنه الشخص المجتهد والمحظوظ الذي تسلم وسام القيادة ونياشين ثقة المعلم باختياره عريفا للفصل حين يغيب المعلم عن الفصل لدقائق أو حين يغيب معلم الحصة المقررة وعجز الادارة المدرسية عن سد فراغ الغائب بمعلم آخر. والعريف يتولى مهمة قيادة الصف فهو قادر على تدوين اسم كل طالب مشاغب لا يتقيد بالجلوس على مقعده. وله الصلاحية في الأمر والنهي داخل الفصل والويل للمعترضين، وهذه السلطة البسيطة التي تشير الى شخصيته القيادية الفطرية قد لا تروق لأقرانه في الصف فهو إما محط إعجاب من زملائه لقوة شخصيته أو محط نفور وغضب من قبل مجموعة أخرى. إن الأنظمة التربوية حاولت معالجة بعض السلوكيات الخاطئة لدى الطلبة وحرصت أن يكون كل طالب عريف نفسه. ولكن يبدو أنها فشلت في أساليب تفعيل هذه القيادة بدليل أن عنصر القيادة - تحت مسمى العريف - استشرى لدى عدد كبير من الطلاب. فهذه القيادة المطلقة إن لم تراقب وتحدد من شأنها أن تولد العنف بين الطلاب أنفسهم. أحد تلك السلوكيات المرفوضة قيام أحد المعلمين بتكليف الطالب - عريف الفصل - بمتابعة حلول الدرس لزملائه في الصف والتوقيع نيابة عنه على دفاترهم!!! حدث ويحدث مثل هذا التصرف اللاتربوي من قبل بعض المعلمين. نعم لتعليم طلابنا وطالباتنا فن القيادة من خلال - قناة العريف - على ألا تتعدى حدود القواعد التربوية التي تضع العريف وأقرانه في المستوى الواحد دون تميز أحدهم على الآخر. أذكر عندما كان ابني في الصف الثالث كثيراً ما يضايقه ذلك العريف المتسلط الذي يبحث عن أي احتكاك مع الآخرين ليكمل تدوين صف القائمة على ورقة ليقدمها للمعلم لاحقا. حيث يقول ابني إنه اختلف معه مسبقا لذا دائما ما يدون اسمه كشخص احتياطي ففيما لو لم تكتمل قائمة اسماء المشاغبين في غياب المعلم يكون اسم (ماجد) موجوداً. كل يوم كان يحمل لي حكاية عن سلوك العريف وكانت أمنية ابني الوحيدة ان يكون عريفاً ولو لحصة واحدة (لاحقاً تحقق الحلم). وعندما كنت معلمة في الابتدائية مررت بأحد الفصول الذي كانت تنبعث منه أصوات مزعجة فسألت عن معلمتهن فقلن إنها غائبة ولكن فلانة العريفة فأسرعت العريفة تحمل بين يديها ورقة كتبت فيها قائمة أسماء طالت كل طالبات الصف، فقلت مازحة ما شاء الله كلهن مشاغبات؟ قالت نعم يا أبله: قلت وأين اسمك قالت لا يا أبله أنا العريفة!! نعم نحن بحاجة الى تعليم طلابنا وأبنائنا فن القيادة وقيادة الذات هي أهم مقومات النجاح وأن نعلمهم بأن حدود العريف لا تبدأ وتنتهي عند كتابة أسماء المشاغبين بل في تهذيب السلوك والشراكة في القيادة حتى نضمن ان لا تنمو بذور العنف في صفوفهم.