طالعتنا صحيفة الحياة في عددها ( 17484) الصادر يوم الأربعاء الموافق 13 ربيع الأول لنموذج مشرف لأحد شبابنا المعطاء يدعى مبارك الخالدي الذي قدم اروع صور التضحية من اجل أخيه، حيث ذكرت الصحيفة قصة الحادث الأليم الذي تعرض له أخوه فاضطر إلى ترك الدراسة لمرافقته في رحلة العلاج للخارج ، كما روت الصحيفة بقية التفاصيل لقصة مبارك مع أخيه حيث ادرجت الخبر لإلقاء الضوء على العمل التطوعي الذي قام به مبارك حيث يقوم بتوصيل ذوي الاحتياجات الخاصة و الأيتام مجانا .. و أيا كان عمل مبارك الخيري فإن صورة التضحية التي قدمها من أجل أخيه كان لافتا للنظر وأعطاني كما أعطى القراء ( بلا شك) ما يتميز به شبابنا من قيم ومُثل و تميز في العطاء.. كما لا ننسى قصة بداح البداح الذي حضر من الزلفي للتبرع بجزء من كبده لطفلة بحاجة لزراعة كبد في مستشفى القوات المسلحة بالرياض ولم يثنه وفاتها عن عمله بل قام بالتبرع لطفل آخر في المستشفى بكل سرية رافضا أي تكريم لعمله. إن مبارك و بداح نموذج لفئة كبيرة من شبابنا السعودي الذي يتميز بالشهامة والتضحية والمبادرة بالعطاء والإيثار ولكن نجد هناك بعض الأقلام التي تحرص على عدم اظهار هذه الصورة وتشويه كثير من جوانب شخصية الشاب السعودي وذلك بإظهار الصورة السلبية له كأن تظهره سطحياً ، أنانياً ،مدللاً وغيرها من الصفات التي يتناولونها في كتاباتهم، ويحيكون بعض القصص عن ممارساته للتفحيط أو إدمانه للمخدرات أو تعلقه بالتقنية دون وعي أو الفراغ الذي يعيشه في مطاعم الوجبات السريعة والسهر في المقاهي، و أنه ابن البلاك بيري والأيبود، و كيف يمضي وقته في ملاحقة الفتيات في المجمعات التجارية، وعلى الرغم من وجود هذه الفئة من الشباب إلا أنها لا تلغي وجود أمثال بداح و مبارك. ماجسَّده مبارك هو أحد معالم شخصية أبناء هذا الجيل من شباب وشابات يبذلون كل مافي وسعهم لمساعدة الآخرين ممن حولهم، و لعل بعض منا صادف هذه النماذج ، فهناك الفتاة التي تأخرت في دراستها الجامعية لاحتضان اخوتها الصغار بعد وفاة والدتها، وهناك الشاب الذي ترك دراسته لاعالة إخوته بعد تيتمهم و غيرها من القصص التي نسمعها بين الحين والآخر. لعلنا نتفق جميعا أننا في عصر نحتاج فيه لدفع شبابنا للأمام وتشجيعهم للسير قدما بثبات وليس البكاء على أيامنا وعصرنا وجيلنا وجيل آبائنا ( الذي نصر دائما أنه الأجمل!!) ، علينا أن نعيش معهم عصرهم لا أن نسحبهم عكس خطواتهم للالتفات للخلف، فالقليل من التشجيع يجلب الكثير من العطاء واثبات الذات. كما ينبغي علينا أن نكون قدوة حية لابنائنا و مضرب مثل في الإيثار ونسعى لترسيخه لديهم ونتحاشى تجسيد الأنانية في تصرفاتنا ومحاربتها في سلوكياتنا وافعالنا، وفضلا عما يجده الانسان من ثواب عظيم ازاء هذا العمل فإن التضحية تجلب الراحة النفسية و السعادة و تؤتي ثمارها بتقوية الروابط بين المسلمين. إن مثل هذه السمات التي تحلى بها العرب قبل وبعد الاسلام ، علينا أن نتسابق للتحلي بها لأنها تمدنا بأهميتنا في حياة الآخرين فتجذبنا للحياة وتجذبهم لنا وبذا يتكون المجتمع المترابط المتماسك ، الجار يشعر بالجار والصديق بصديقه والقريب بأهله.. ولا ننسى أننا كنا وما زلنا خير أمة أخرجت للناس بما حثنا عليه ديننا الحنيف من التآخي والتآزر والتعاضد والتراحم قال تعالى (( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" (الحشر، آية 9). عزيزي القارئ لنكن جميعا مبارك و بداح شعارنا ما جسده الشاعر في البيتين: إني امرؤ عافى إنائي شركة وأنت امرؤ عافى إنائك واحد أقسِّم جسمي في جسوم كثيرة وأحسو قراح الماء والماء بارد