حينما يبدع (الموهوب) محمد الشلهوب في تسجيل هدف جميل أو يكون له بصمة في مناسبة تاريخية، تعود بي الذاكرة إلى أول مباراة خاضها مع ناشئي الهلال وهو مازال برعما، كان أصغر وأنحف وأقصر لاعب في تلك المباراة عام 1414 أمام الوصيل. وحينذاك هاتفني المدرب (زوران) وطلب أن أحضر مباراة في ملعب (الصايغ) ضمن دوري الناشئين مؤكدا أنها ستشهد حدثا جديدا في تاريخ الكرة السعودية، وأن (مارادونا السعودية) سيبدأ مشواره في الملاعب اليوم..!!! وفوجئت بوجود عدد من الصحفيين في مباراة للناشئين بتحفيز من (زوران) الذي كان من أميز المدربين عملا وفكرا، ويكفيه صقل موهبة (الشلهوب) كأحد أهم مكاسب الكرة السعودية من إنتاج مدرسة الهلال مع (المدير) الأستاذ فهد المصيبيح. وفي تلك المباراة احتسب الحكم ضربة جزاء للهلال، فاستدعى زوران اللاعب الذي لقبه ب (مارادونا السعودية) ودفع به من دكة البدلاء لينفذ ضربة الجزاء، والكل في المدرج يصرخ (هذا مدرب مجنون)، ماذا لو أخفق لاعب لم يتجاوز ال 13 من عمره؟! سدد الشلهوب الجزائية معززا تقدم الهلال الذي أنهى المباراة بنتيجة كبيرة ربما (سباعية). ومنذ ذلك اليوم وبالرغم من صغر سنه إلا أنه احتل مركزا أساسيا مع الناشئين وصار ينادى ب (مارادونا)، وكنت حينها أقول لزوران (إنك ستنهي ابنك بنفسك)، لأنه من الصعب لدينا أن يتعايش اللاعب في هذا السن مع لقب (مارادونا)، لكنه كان يرد بثقة (سيكون أفضل لاعب سعودي وسيصل للمنتخب سريعا..!). زوران الذي قدم عملا مختلفا في المراحل السنية غادر بعد سنتين أو ثلاث إلى الكويت لخلاف إداري..!! في حين واصل الشلهوب مسيرته رغم نحافة جسمه، زاده محبة لدى من يلتقيه خجله وتواضعه وطيبته وابتسامته التي لا تفارقه حتى في أحلك الظروف وأقساها، يسبق ذلك مهارته الشائقة وأهدافه الماتعة والتاريخية. كاد أن ينطفئ قبل ثلاثة مواسم بسبب طريقة المدرب الروماني (كوزمين) إلى درجة الترويج لرغبته في الانتقال بعد أن أرهقته دكة البدلاء، وجاء (جيريتس) ليعيده العام الماضي إلى الواجهة (هدافا) لدوري زين لكنه –أي جيريتس– أصابه في مقتل وهو يبعده عن أهم مباراة مع الحزم في الرس التي (إذا فاز بها الهلال) يتوج بطلا قبل انتهاء الدوري بثلاث جولات وبإنجاز غير مسبوق، وحينها رصدت (الكاميرا) الشلهوب في المدرجات بوجه عابس ودموعه في مقلتيه..!! أضاف الهلال البطولة بإمضاء (عيسى المحياني)، وبالتأكيد فرح الشلهوب لكنه ما لبث ودخل في خيال القهر..! ويوم أمس الأول أمام الرائد، كاد أن يواجه نفس المصير حينما ركنه كالديرون احتياطيا، لكنه أقحمه في الشوط الثاني فسجل (هدف الفوز) الذي به (ضمن) الهلال اللقب 100% قبل انتهاء دوري زين بجولتين. الشلهوب له بصمات كثيرة وأهداف تاريخية وتسديدات ذهبية على مدى 17 عاما قضاها متألقا في الميادين الخضراء، وكان محور حديث المعلقين والمحللين بعد هدفه التاريخي في مباراة أمس الأول، ولأنه لاعب (منضبط) و(حبوب) و(موهوب) فقد حباه الله بالمكافأة الجديدة له ولجماهيره في يوم تاريخي توج فيه زعيم البطولات باللقب ال 52. الشلهوب لاعب (موهوب)، و(مؤسس) تدريبيا وإداريا، فقط كان ينقصه بناء (عضلاته)، ومع ذلك واصل عطاءه بامتياز على جميع الأصعدة ولم ينزلق يوما بما يشوه جماله، لم يطرد من الملعب، ولم يعبث خارجه، إنه نجم يحتذى ويستحق أكثر مما أخذ. له ولجميع اللاعبين الدعاء بالتوفيق والسداد.