يحظى لقاء قطبي العاصمة «النصر والهلال» وعلى مر عقود من الزمن بمتابعة جماهيرية خاصة، وذلك لما يحمله من قيمة رياضية وتنافسية لها طابع كبير من الإثارة وأداء مميز ونكهة خاصة يتمتع بمذاقها جميع الرياضيين، فهذا «الديربي» لا يعرف الظروف الخاصة ولا يخضع لأي مقاييس أو معايير ولا ينظر لموقف الفريقين في سلم الدوري، فالجميع يكون عند الموعد في هذا اللقاء، حتى أصبح الحدث الأبرز والمنتظر في كل موسم رياضي، فيكفي أنه لقاء «الزعيم» و»العالمي». وفي الآونة الأخيرة أخذ هذا الديربي اتجاها معاكسا لما اعتاد عليه الشارع الرياضي، طغت فيه العصبية وخرج في بعض لحظاته عن النص وصاحبته أحداث ومشاكل استمرت حتى بعد نهاية اللقاء، وأصبح لها أبعاد قللت من قيمته الفنية، وعليه سيدق ناقوس الخطر مع كل لقاء قادم يجمع النصر والهلال. ولعل هناك العديد من الأسباب التي أوصلت الديربي لهذه المرحلة الخطيرة والحرجة في مقدمتها إدارة الفريقين وزيادة الضغوط عليها ومدى وعيها وتهيئة لاعبيها ونوعية تصاريحها، وكذلك اتساع دائرة الإعلام بشكل عام وتأثيره على حساسية اللقاء خصوصاً في ظل عشوائية المنتديات والمواقع الإلكترونية، حتى تعدى كونه لقاء تنافسيا وجماهيريا وصلنا معها لمرحلة محتقنة طغى عليها الجانب النفسي والعصبي، فقدت فيها أدوات نجاح الديربي سيطرتها على نفسها وبدأت تزول معها تدريجياً معالم إحدى أهم اللوحات الفنية الرائعة في سماء رياضتنا. هنا من حق الجماهير الرياضية إن يكون لها كلمة تطالب فيها بالحفاظ على قيمة ومكانة الديربي، وأن تبعث برسالة عتب إلى رئيسي الناديين تقول فيها «كفى عبثا بتاريخ الديربي» فهو ملك للجميع وإحدى الواجهات الرياضية السعودية، فالأمر الآن تعدى كونها مباراة تنافسيه لها ظروفها ولها رجالها. لذلك يجب تدارك الوضع وتدخل العقلاء من محبي الفريقين أو حتى من جهات أعلى إذا لزم الأمر كي لا تخرج الرياضة عن مسارها وحتى يبقى لديربي العاصمة مكانته.