في اليوم الأول للدورة الثانية من المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي، احتاج مركز معارض الرياض إلى دقائق فقط بعد حفل الافتتاح الجميل لتتحول مساحته الداخلية الفسيحة إلى مايشبه الحرم الجامعي، عدد كبير من العارضين وقد ارتدت عناصرهم النسائية عباءات سعودية يزين أكمامها اللون الأخضر الفاتح الذي يمثل هوية عصرية المناسبة، فيما عشرات الطلاب والوفود الجامعية كانوا قد دخلوا بالفعل في نقاشات متعددة مع العارضين حول البرامج الدراسية والأكاديمية وفرص القبول والانتساب. من ضمن الأفكار التنظيمية الكثيرة المستوحاة من التجربة الأولى والتي يلاحظ أنها تحولت فعليا إلى مشاهد ماثلة، لم يكن من الصعب التعرف على الحلول التصميمية التي تحدث عنها المنظمون، فالتوزيع الجديد كفل توفير متسعات إضافية للزوار والمشاركين، بينما كان المشهد الأكثر تكرارا هو لضيوف المعرض من ممثلي الجامعات العالمية وهم يلتقطون الصور بكاميراتهم الشخصية، في الوقت الذي يبدو الجانب الآخر من المعرض في حالة من النشاط الملحوظ في أجنحة الجامعات والكليات المحلية التي يبدو جلياً ان عددها قد زاد عما كان عليه قبل عام. حضور نسائي لافت للمعرض الشاب أحمد الغامدي يتجول ممسكا بخارطة المعرض مع ورقة صغيرة كتب عليها أهم الجامعات التي يرغب في الاستفسار عن برامجها، يقول انه انتظر الدورة الثانية من هذا المعرض بعد ماتحقق له من نجاح في النسخة الماضية، مشيرا إلى أن أحد أصدقائه يدرس حاليا في الولاياتالمتحدة بعد أن رافقه العام الماضي إلى المعرض، وحينها نجح في التنسيق مع إحدى الجامعات الأمريكية المعروفة، وقال الغامدي "هذه المناسبات تختصر كثيرا من الجهد الذي يبذله الطالب من أجل الحصول على المعلومة، بل انها جعلت الكثيرين يقفون واقعيا على مستوى الجامعات من خلال التواصل المباشر مع ممثليها"..قريبا منه كان الباحث "مازن عبدالله" يتحدث بلهجة إنجليزية متقنة مع أحد ممثلي الجامعات البريطانية، قبل أن يخبرنا أنه يرغب في التواصل مع مراكز بحثية عالمية للاستفادة من خبراتها والتعرف على أهم برامجها المتعلقة بتخصصات أكاديمية ومجالات حيوية مختلفة، مضيفا"كنت حريصا على زيارة المعرض في يومه الأول، وسأحرص على الحضور خلال اليومين التاليين لجمع أكبر من كم من المعلومات والعلاقات التي ستفيدني في مسيرتي العلمية" في الوقت نفسه، تتوقع طالبة الصف الثالث الثانوي "نادية" التي جاءت مع عدد من زميلاتها أن يزداد عدد زوار المعرض بشكل ملحوظ في يومي الأربعاء والخميس، موضحة أن زيارتها كانت للتعرف على أهم الخيارات الجامعية المتاحة لإكمال دراستها داخل أو خارج المملكة، وقالت ان الفرصة التي يوفرها المعرض جعلته يصبح من أهم التظاهرات التي تحتضنها الرياض مؤكدة أنها تعرف كثيرا من الزوار الذين يأتون خصيصا من مختلف مناطق المملكة لهذه المناسبة تحديدا، من جانبه يعلق أستاذ النقد الدكتور عبدالفتاح أحمد أن أهمية المعرض والمؤتمر الدولي لا تتوقف فقط عند جانب التواصل المباشر مع ممثلي الجامعات والأكاديميين العالميين بل تتعدى ذلك إلى القيمة الكبيرة التي يقدمها البرنامج العلمي المصاحب، مضيفا "لقد اطلعت على برنامج الندوات وورش العمل، وأعجبت كثيرا بمستوى الضيوف المشاركين وأهمية المحاور المطروحة، إن هذه الفعاليات جميعها يجب أن تحظى بالاهتمام الكافي من قبل الجمهور عموما والعاملين في مجال التعليم العالي نظرا لمافيها من طروحات قيمة على المستوى الأكاديمي والإداري والتنموي". على مستوى العارضين، تجد الجميع على أهبة الاستعداد دائما للإجابة على كل التساؤلات، يتضح من وسائل العرض والمطبوعات والتناوب المستمر على مقابلة الزوار أن الجامعات التي تمثل قرابة 34 دولة باتت تملك معرفة أكبر بطبيعة المعرض وجمهوره من خلال مشاركتها العام الماضي، العارض مايكل غياكون من جامعة اوت النيوزلندية والذي يزور المملكة للمرة الرابعة أبدى سعادته بما رآه في المعرض لهذا العام مشيدا كذلك بما يلمسه من الحماس الكبير والثقافة العالية لدى الشباب السعوديين الذين يسألون عن فرص الدراسة الجامعية معتبرا أن الدعم الذي تقدمه لهم الحكومة ممثلة بوزارة التعليم العالي يمثل حافزا كبيرا يجب الاستفادة منه في التطور العلمي للفرد والمجتمع، من ناحية أخرى، تقول العارضة لين ايجين من جامعة زيجيانغ الصينية ان المعرض يمثل تجربة مهمة بالنسبة لها وفرصة جيدة لتعريف الجمهور بالدراسة في الصين، وقالت ان التنظيم يعبر عن احترافية القائمين على قطاع التعليم العالي في المملكة، متمنية أن تسهم هذه الفعالية في تعزيز العلاقات العلمية بين دول العالم ودعم الشراكات القائمة في مجالات أخرى دبلوماسية وثقافية واقتصادية..أما المشرف على جناح جامعة سان رافايل الإيطالية في ميلانو السيد لورينزو داينا فقد أبدى تفاؤله بالمشاركة في المعرض مؤكدا على أن اليوم الأول يشير إلى إمكانية عالية لتحقيق نجاح جماهيري وتنظيمي يسهم في دعم حركة التعليم العالي في المملكة، وقال ان جامعته تطمح في استقطاب طلاب سعوديين من خلال إعداد برامج عصرية في مجالات علمية مهمة يأتي في مقدمتها التخصصات الصحية..في جانب آخر، يصف السيد رايموند فاكوجا المشرف على جناح جامعة فيتربي الأمريكية مستوى التنظيم ب"المذهل" متوقعا أن تشهد الأيام التالية حضورا أكبر من الزوار.