حظي برنامج المواهب العربية أو ما يعرف لدى المشاهدين ب ( Arabs' Got Talent ) و الذي تم عرضه على القناة الرابعة في شبكة mbc وانتهت حلقاته في جزئه الأول بفوز الشاعر المصري ( عمرو قطامش ) بمتابعة واسعة النطاق على كل المستويات نتيجة الاحترافية العالية جدا في تقديم الموهبة العربية بصورة خاصة تختلف عن تقديمها في أوروبا وأمريكا مثلا كما يرى أحد أهم لجان التحكيم فيها الإعلامي المصري الشهير عمرو أديب الذي صرح لموقع mbc.net : (إن النسخة العربية من برنامج اكتشاف المواهب تمتاز عن غيرها من النسخ الأوروبية والأمريكية بخفة الدم العربية، كما أنها أكثر رحمة وتعاطفا مع المتسابقين. ) ، وعلى الرغم من أن البرنامج كشف للمشاهدين عن كم هائل ومتنوع من المواهب في مجالات مختلفة ومتنوعة وجديدة أحيانا إضافة إلى أن كثيرًا منها تميز بالعصرية والاستفادة البشرية القصوى على مستوى الموهبة من محصلات العصر وما توصّل إليه من تقنيات .. إلا أن الشعر انتصر أيضا في ظل هذا الزحام الكبير والثري من المواهب ، وهو مؤشر هام جدا على استمرار سطوة الشعر علينا منذ إشارة امرئ القيس لمن سبقوه قبل ما يقارب الألفي عام حينما قال : ( عوجا على الطلل المحيل لعلنا ** نبكي الديار كما بكى ابن حذام ) .. أعود وأقول في المقابل إن انتصار الشاعر المصري الحلمنتيشي عمرو قطامش كموهبة على بقية المواهب المتعددة لايعدُّ تفرّدا أو تميزا إلا للشعر فقط ، فليس قطامش هو أشعر شعراء العصر وأكثرهم موهبة بالطبع ، وليست القصيدة ( الحلمنتيشية ) هي ( يتيمة الدهر ) أو أوسط العقد في شعرنا ولا يمكن لناقد أو مهتم بالشعر أن يحيل فوز قطامش بالبرنامج إلى موهبته فقط ، فلو كانت المسابقة على مستوى الشعر كجوانب فنية ربما لايتسنى لقطامش المشاركة حتى في التصفيات الأولية منها في ظل ازدحام الخارطة العربية بشعراء عظام جدا ، ولا أقلل في هذا من شاعريته ولا في موهبته ، ولا حتى في حسن استثماره للحظة التاريخية العربية التي صارت مهيّأة تماما للتجييش العاطفي جرّاء الثورات الشعبية في كثير من بلدانها ، ولكن لأشير فقط إلى أن الشعر وحده هو الأقدر كوسيط على النفاذ للنفس العربية بعد أن تربّت ذاكرتها عليه ، وتكفّلت بحفظه ورعايته على مر العصور مهما تغيّرت الوسائط وتعدّدت المؤثرات ، والطريف في الأمر أن الإنسان العربي شاعر بطبعه فهو أول وأقرب وسائل التعبير الوجداني لديه ، بمعنى آخر .. لم يكن قطامش إلا موهبة عربية تقليدية .. وقد يزعم الكثير منا على أنه لا توجد هناك أسرة عربية لا يظهر فيها شاعرٌ مهما كانت قدراته ، ومع هذا حققت موهبته الشعرية المركز الأول في مسابقة شعبية استهدفت اكثر من مائة مليون مشاهد في ظل طغيان ثقافة الصورة وحضورها بقوة في البيت العربي ، ومع هذا اتفق من خلالها المحكمون والمصوتون معا على أن الشعر أولى بالاتباع في كل عصر وعبر أي وسيلة تواصل ممكنة.