ممّا أثلج صدري ، وأفرحني كثيرا ، هو رؤية العلامة الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء ، والرجل الموسوعي ؛ وهو يكرّم من لدن خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – في مهرجان الجنادرية . عبد الوهاب أبو سليمان ، أنموذج للمسلم العصري في كُلِّ حاله ومآله ؛ فديدنه الوسطية ، فلا تعصب ولا تطرّف ولا آراء – زائدة عن الحد – بالمفهوم البلدي لهذه العبارة . ينقّب بين كتبه في صمت ودراية ، وصبر ، لا يعرف الكلل ولا الملل . عرفته في إحدى زياراتي لمكتبة الحرم المكي وقت أنْ كنتُ طالبا بالجامعة ، وتوثقتْ عُرى محبة الرجل لدي ولدى كثيرٍ ممّن عرفوه . وشاء الله أن نبتني منزلين متقاربين في مكةالمكرمة . فكم سُعدتُ بذلك كثيرا. ويجمع أبو سليمان بين خيوط كثيرة قلّما تتوافر في غيره؛ فكما قلتُ آنفا ، علم غزيرٌ لم يبخل به على طلابه ومريديه ؛ بل سخّره في خدمة المجمع الفقهي واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء، ناهيك عن جامعته ، جامعة أم القرى التي تفخر به كعمودٍ ثابتٍ من أعمدتها الراسخة البنيان. لكنه والحق يقال، علامة مميّزة بين علماء عصره، في علمه ومخبره ومظهره أيضا، وهو يذكرُ بالعلماء الكبار، أولئك الذين يقابلونك ببشاشة، وصفاء نفس، ولا تعلو سحناتهم علامة غضب إذا ما رأوك حليق ذقنٍ أو طويل ثوبٍ!