افتتح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة يوم أمس بمشاركة ممثلين عن 41 دولة إسلامية، وبحضور 80 سفيرا عربيا وإسلاميا وأوروبيا معتمدا بالجزائر فعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011. ورأس وفد المملكة المشارك في الفعاليات وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة. الافتتاح في "تلمسان" في أعالي هضبة "لالة ستي" التاريخية، وفي يوم ظل وما يزال في الذاكرة الجمعية الجزائرية تاريخا للعلم ورمزا للمعرفة، يوم 16 أبريل الجاري المصادف لوفاة العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس ، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي حاربت الاستعمار الفرنسي. حفل الافتتاح الذي حضره الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي أوعز لوزيرة الثقافة خليدة تومي بأن توّفر للحدث الثقافي والفكري الأهم في البلاد كل شروط نجاحه بالأخص على مستوى الإنفاق، استهلّه الكوريغرافي العربي المشهور عبدالحليم كركلا بعرض عنوانه «تلمسان صدى الإيمان» ينتقل فيه فنيا وإبداعيا عبر أهم العصور التاريخية التي مرّت بها تلمسان، عاصمة الزيانيين سابقا، وإسهام المدينة وعلمائها في تعزيز البعد الأمازيغي والعربي والإسلامي للجزائر. سبق حفل الافتتاح الرسمي، استعراض فني جماهيري ضخم شهدته شوارع وأحياء المدينة العتيقة عبر موكب ضخم يتشكّل من 22 عربة تحمل مجسّمات فنية تعكس الإرث الثقافي الإسلامي المادي وغير المادي عبر التاريخ يتقدمها مجسما الكعبة الشريفة ومسجد الأقصى. وحظيت مدينة تلمسان بالعديد من المرافق الثقافية والدينية الهامة بمناسبة الحدث الذي ستتواصل فعالياته سنة كاملة ، في مقدمة هذه المشاريع نذكر قصر الثقافة الذي أنجز بجوار معالم أثرية تزخر بها المدينة العتيقة منها "منارة المنصورة" وقد خصص لهذا المرفق حسب مديرية الثقافة لولاية تلمسان مبلغ 15ر1 مليار دج من أجل بنائه وتجهيزه للمناسبة. وغير بعيد عن قصر الثقافة شيّد "مركز الدراسات الأندلسية" أو قصر الحمراء الجزائري على الطراز الأندلسي بغلاف مالي قدره 658 مليون دج واستفادت المدينة من «المركز الثقافي الإسلامي» بناحية إيمامة ببلدية منصورة بغلاف مالي قدره 300 مليون دج يتسع لمكتبتين جميلتين واحدة إلكترونية والأخرى تقليدية تتربع على أمهات الكتب من المصّنفات الدينية والتاريخية والعلمية والأدبية بعضها مترجم إلى لغات كثيرة. كما سيقف ضيوف الجزائر على إنجاز آخر بمنطقة المنصورة التاريخية وهو المركز الثقافي الإسلامي الذي يتميز بهندسة إسلامية فريدة زاوجت بين المعمار المغاربي والأندلسي، إضافة إلى مدرسة قرآنية تتسع ل500 طالب، تتوفر على مرافق الإيواء والإطعام والدراسة، ويقصدها الطلبة من داخل الجزائر وخارجها وتتكفل بتلقين علوم القرآن وطرق تلاوته على يد أساتذة مختصين في الشريعة الإسلامية. كما سيشرف الرئيس ابوتفليقة على إعادة فتح بعض المساجد الأثرية العتيقة التي تم ترميمها وكذا إعادة نشاط دار الحديث التي افتتحها العلامة عبد الحميد بن باديس بتاريخ 27 سبتمبر عام 1937 والتي لعبت دورا هاما في نشر الوعي الديني والروح الوطنية في أوساط الجزائريين سنوات الاستعمار الفرنسي. ويتضمن برنامج تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011، العديد من الأنشطة الثقافية التي ستتواصل طيلة سنة كاملة، منها تنظيم أيام ثقافية لكل الدول الإسلامية المشاركة ومنها المملكة التي ستشارك بوفد ثقافي يعكس ثراء وتنوع وأصالة المجتمع السعودي، فضلا عن تنظيم ملتقيات علمية ودينية حول علماء تلمسان ودور هذه الأخيرة في إثراء الحضارة الإسلامية والإنسانية عبر التاريخ، يشارك فيها كذلك أساتذة ومشايخ كبار. وقد تم اختيار مدينة تلمسان غرب العاصمة الجزائرية بحوالي 550 كيلو مترا، على الحدود مع المملكة المغربية الشقيقة، كعاصمة للثقافة الاسلامية لسنة 2011، بالنظر للدور الحضاري الذي تميزت به هذه المدينة عن باقي المدن الجزائرية حيث كانت طيلة قرون همزة وصل بين المغرب الإسلامي والأندلس من جهة ومركز إشعاع ديني وعلمي بالجزائر وبمنطقة المغرب العربي وغرب إفريقيا من جهة ثانية، فضلا عن تواصلها الحضاري مع المشرق الإسلامي وحيازتها على أكبر وأهم الآثار الإسلامية بالجزائر.