ترتبط صورة الاختراع والابتكار دائماً بالرجل , ولا يخطر في بال كثير من الناس أن المرأة يمكن أن تكون مخترعة في مجالات كثيرة إذا اتيحت لها الفرصة لذلك . ولعل هذه الصورة النمطية التقليدية حول الاختراع جعلت كثيراً من الناس وعلى مدى الأجيال الماضية يعتقدون أن الاختراع هو من مهمة الرجال دائماً , وليس للمرأة دور في ذلك ! ولكن هل الاختراع مقصور فقط على الرجال ؟ وما دور المرأة في الاختراع ؟ يجيب عن هذا التساؤل كتاب الدكتور فرج موسى رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات المخترعين في سويسرا (سابقاً) والذي ترجمته الدكتورة جواهر محمد الدبوس من جامعة الكويت . صدر الكتاب في عام1995م بعنوان "نساء مخترعات" حيث سجل فيه المؤلف 42 امرأة مخترعة من مختلف أنحاء العالم . وتتلخص ظروف تأليف الكتاب في أن المؤلف عمل لسنوات طويلة في مجال براءات الاختراع , وقد تساءل في عام 1983م عن إمكانية وجود مخترعات ويقول : "ولدهشتى اكتشفت بعد كثير من عمليات البحث والمقابلات أن هناك عشرات من المخترعات في كل مكان ,وفي كل مجال , من التكنولوجيا الرفيعة إلى الأدوات البسيطة مثل الكمبيوتر المصمم للأطفال المعوقين , سلالة جديدة من الماشية ,مقعد يتحرك بالصوت , مطحنة أرز سهلة الحمل , مفاتيح الأمان , منتجات طبية من الأعشاب , مضادات حيوية, أدوات تجميل ....إلخ " . ومن المخترعات اللاتي قابلهن المؤلف السيدة جوليا تيزورو الإيطالية الأصل والتي قدمت أكثر من مائة اختراع في مجال صناعة النسيج . ويتضمن الكتاب انجازات واختراعات 42 مخترعة من الفتيات والشابات والنساء , كما يضم الكتاب بعض الأحاديث واللقاءات والحوارات التي أجراها المؤلف مع العديد من المخترعات اللاتي يمثلن 24 دولة من دول العالم . ويسلط الكتاب الضوء على إنجازات المرأة في مجال علوم الكمبيوتر والطب والبيئة والأجهزة الدقيقة وغير ذلك . ولعل من ابرز اللواتي حصلن على جائزة نوبل وكانت مخترعة أيضاً الأمريكية – روزالين يالو – والتي نالتها في الطب عام 1977م . وذكر المؤلف أنه من بين حوالي 370 شخصا حصلوا على جائزة نوبل في العلوم , فإن نسبة النساء الحاصلات على جائزة نوبل تصل إلى حوالي 3% فقط !! ويتحدث المؤلف في كتابه عن أصغر مخترعة تبتكر وسيلة تمكّن الناس من القراءة والكتابة في الظلام ؛ حيث حصلت على براءة اختراع , والفتاة أمريكية من مواليد 1961م . وكان عمرها عشر سنوات أثناء إنجازها لهذا الاختراع , والاختراع عبارة عن ورقة ضوئية يمكن وضعها تحت الأوراق العادية . وقد استطاعت الفتاة تسجيل خمس براءات اختراع أخرى , وجميعها تعديل لاختراعها الأساسي , أي (ورقة المساندة التي تتوهج في الظلام) . ويضم الكتاب انجازات لمخترعات من 24 دولة , تتوزع المخترعات فيها على النحو التالي: 32 مخترعة من الدول المتقدمة , و10مخترعات من الدول النامية. وحسب المناطق , فإن هناك 22 مخترعة من دول أوربا , و10مخترعات من دول آسيا , و7 مخترعات من دول أمريكا الشمالية , ومخترعتين من آسيا , ومخترعة واحدة من استراليا . إن كتاب " نساء مخترعات" يثبت بالأرقام والصور والوقائع أن المرأة ليست بأقل من الرجل في القدرة على الاختراع , بل هي قادرة إذا اتيحت لها الفرصة أن تكون من المخترعات الرائدات بما يتناسب مع طبيعتها ودورها في الحياة ...