هذه الأسئلة التي تحمل عنوان "السرد.. على الناصية الأخرى "قد تحمل طابع الخفة، لكن إجاباتها تمنح لذة استكشاف تفاصيل ذاكرة كتاب السرد التي تضيء نافذة للقارئ لكي يستدل على الروائيين والروائيات الذين كان لهم تأثير في تاريخ الرواية، وكذلك يتعرف إلى مفضلات المبدعين من روايات وعبارات وشخصيات روائية. * من هم الروائيون العظماء الذين كان لهم، في اعتقادك، تأثير ملموس في تاريخ الرواية؟ - العدد أكبر من إحصائه، فمن يستطيع تجاهل كتاب السرد الروسيين أمثال ليو تولستوي، وودستويفسكي وتورجنيف، أو الأمريكي العظيم إرنست هيمنجواي، وكتاب السرد الأوروبيون الذين يصعب حصرهم، ومن الكتاب العرب لا نستطيع أبداً أن ننسى أو نتجاهل كتاباً بقامة نجيب محفوظ، ويوس إدريس، وجبرا إبراهيم جبرا، وحنا مينا، والطاهر وطار، ومحمد شكري وغازي القصيبي، فكل إسهامات هؤلاء أضافت للفكر الإنساني، ولتاريخ الأدب العالمي ما لا يمكن وصفه أو تقييمه. * ما الرواية التي غيّرت مفاهميك ورؤيتك للحياة؟ - أعتقد أن كل عمل فني يضيف لقارئه كثير من المفاهيم والرؤي، وبنفس الوقت يبدو لي من وجهة نظر شخصية أنه من الصعب للغاية أن تغير رواية واحدة أو أكثر من مفاهيم إنسان خاصة إذا كان مثقفاً يحمل قيماً وافكاراً ولديه منهج فكري يحكم تفكيره، هناك تغيير يحدث من التفاعل مع الإبداع الإنساني ولكنه تغيير تراكمي وبطئ مثل تحول الفحم إلى ألماس تحت عوامل الضغط الهائل التي يتعرض لها. * ما هو المشهد الروائي الذي قرأته وتمنيت لو أنك من كتب هذا المشهد؟ - هناك مشاهد كثيرة في العديد من أعمال السرد سواء العالمي أو العربي تجعل القارئ يقف مبهوراً بجمالها، أو تصدمه بقسوتها وقوة حبكة السرد مثل افتتاحية رواية إيفو أندريتش (جسر على نهر درينا) ومن الأدب العربي سحرني المقطع الأول في الصفحة الأولى من رواية الجزائري الطاهر بن جلون (تلك العتمة) حيث إن صياغة هذا المقطع محبوكة فنياً لدرجة أن حذف أو تغيير أي كلمة من موقعها يفسد المقطع تماماً، وفي الواقع رغم إعجابي الشديد بالعديد من المقاطع الأدبية إلا أني بكل تواضع أنبهر بكاتبها، وأغبطه عليها، وأتمنى أن أكتب مثلها ولا أتمنى لو أني كنت كاتبها. * ما الرواية التي قرأتها أكثر من مرة؟ - أنا أعيد قراءة الغالبية العظمى من الروايات، وأعيد قراءتها أكثر من مرة كمنهج في القراءة، وذلك لأن الأعمال الإبداعية لا تكشف عن ذاتها بسهولة، فكل قراءة جديدة للعمل الإبداعي تتكشف فيه مساحات جديدة، ورؤى لم تكن على بالنا في القراءة السابقة.. تكرار القراءة بالنسبة إلي هو أسلوب، وليس صدفة. * ما الشخصية الروائية التي ما زالت تستحوذ على تفكيرك؟ - تستهويني من الأدب العالمي شخصية الأمير في رواية دستيوفسكي (الأبله) وهناك العديد من الشخصيات التي لا يمكن نسيانها في الأدب العربي خاصة في أعمال نجيب محفوظ مثل شخصية الوالد السيد أحمد عبد الجواد في الثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) وابنه كمال، وكافة شخصيات روايته (أولاد حارتنا). * ما العبارة التي دونتها من رواية لأنها أثرت فيك أو شعرت أنها يمكن أن تمثل لك فلسفة في الحياة؟ - أنا لست متفلسفاً وأرى الحياة بعيون بسيطة، لذلك ما أقرأه ويعجبني يكون ذلك بسبب قيمته الإنسانية والإبداعية، وهناك كما سبق القول مقاطع كثيرة من الأدب الروائي مدهشة وتثير التأمل ولكن ليس لدرجة أن تكون فلسفة لي في الحياة. * من هو الروائي الذي استحوذ عليك بأعماله في بداياتك، ثم شعرت لاحقاً بأنه لم يعد يستهويك؟ - كافة الكتاب الذين قرأت لهم في بداية حياتي أشعر أنهم أساتذة علموني كيف أحب الحرف وأعشق الورق، ومن توقفت عن قراءته فليس لأنه لم يعد يستهويني ولكن لأن التخطيط لعملية القراءة المنهجية قادني لاتجاه آخر، فلم يعد من الممكن الآن قراءة ما كان يقرأ في المراهقة والشباب حيث لم تعد أعمال أرسين لوبين للفرنسي موريس لبلان، أو روايات أجاثا كريستي مشبعة كما كانت في مرحلة الشباب الأول. * ما الشخصية الروائية التي تشعر أنها يمكن أن تمثل رمزاً حياتياً؟ - كثير من الشخصيات الروائية مدهش ويثير أسئلة دائمة، فمن منا لم تؤثر فيه شخصيات تولستوي تشيكوف أو دستيوفسكي أو نجيب محفوظ والطاهر وطار والطاهر بن جلون وحنا مينا، فكل هذه الشخصيات تعكس وجود إنساني مؤثر في الفكر لكن يصعب تلخيصها لكي تصبح رمزاً. * ما الرواية التي عرفتك على مدينة وأحببت تلك المدينة؟ - رواية ميرامار لنجيب محفوظ، فهي وإن كانت رواية ذات بعد سياسي عميق إلا أنها تعكس وقوع الأستاذ نجيب محفوظ في عشق مدينة الإسكندرية التي يسميها (نفثة السحابة البيضاء، ومهبط الشعاع المغسول بماء السماء). * ما الرواية التي ترغب في أن تشاهدها سينمائياً؟ - ..... * ما أجمل نموذج للحب قرأته في رواية ما؟ - يعجبني حكايات العشق في رواية (مرتفعات ويذرنج، وحالة الوله المجنون في رواية (أنا كارنينا) والعشق المخادع في رواية ميرامار. * من هو الروائي الذي تمنيت أو تتمنى أن يجمعك به لقاء؟ - لا يوجد روائي قرأت له عملاً وأعجبني إلا وتمنيت لقاءه والتعرف عليه عن قرب، فالكاتب المبدع نفحة رحمانية من الله تجعل الكون أكثر جمالاً، والخيال أكثر خصباً، وتزيد قدرتنا على تحمل أعباء الحياة، وتصنع في أرواحنا البهجة.