عندما بدأ شباب مصر حركتهم السلمية للمطالبة بالديمقراطية، وبدأت هذه الحركة تستقطب الأضواء الإعلامية وتؤثر إيجابيا في إحداث التغييروالإصلاح السياسي، والاقتصادي ، عند ذلك بدأ بعض الانتهازيين يتسلقون هذه الحركة بحثاً عن موقع في قطار التغيير، ومنهم من يريد أن يكون في مقصورة القيادة، وآخرون يكتفون بأن يتوفر لهم مقاعد في هذا القطار. محاولة التسلق لم تكن داخلية فقط بل إن التدخلات الخارجية كانت أكثر إثارة للدهشة والاستهجان، يأتي في مقدمة التدخلات الخارجية التدخل الأمريكي الذي عبر مواقف أمريكية حائرة، ترتبط بتطور الأحداث لتصل في النهاية إلى المستوى السافر حين تطالب باتخاذ قرارات معينة وكأنها وصية على مصر. أمريكا التي ترفض تدخل الآخرين في شؤونها تسمح لنفسها بأن تتناقض مع قيمها من أجل مصالحها، ولا تكتفي بتوجيه النصح أو عرض المساعدة ولكنها تجتمع وتقرر، وترسل نسخة لمصر للتنفيذ والتقيد بموجبه (من أعطى أمريكا هذا الحق؟!) أما إيران التي قمعت المظاهرات المحتجة على تزويرالانتخابات، والتي لا تسمح بصوت المعارضة فهي تعلن أن ما حدث في تونس، ومصر هو استلهام للثورة الإيرانية. المتسلقون من الداخل كثيرون من الأحزاب والأفراد الذين فاجأتهم المظاهرات في حجمها وسقف مطالبها وجديتها، فأخذوا يتسابقون على وسائل الإعلام، وعلى التفاوض والبحث عن مكان في قطار التغيير. كل الأحزاب النائمة ظهرت فجأة بشكل مختلف ودخلت في سباق نحو الفوز بتمثيل المتظاهرين وقطف الثمار. إن هذه الأحزاب لو تحولت الى السلطة فلن يكون مفاجئاً أن تعيد الماضي، وتتحول الى مقعد دائم وفوز مضمون في الانتخابات لأنها لا زالت خاضعة لثقافة لا تنتمي بأي حال من الأحوال لثقافة الشباب ولميدان التحرير فالقضية ليست تغيير أشخاص بل تغيير ثقافة. في التدخل الخارجي (امريكا مثلا) لغة آمرة ومصطلحات مثل (يجب) (الآن) وهذا اسلوب استفزازي، ولا يمكن استخدامه في العلاقات الدولية وما يحدث في مصر قضية داخلية ومن حقها رفض التدخلات الخارجية التي تعيد زمن الاستعمار إلا اذا كانت امريكا تسمح بتدخل الآخرين في شؤونها الداخلية. تدخلات أمريكا فتحت الباب أمام الجميع، أوروبا، تركيا، إيران ..إلخ الكل يريد إحداث التغيير في مصر والكل كان صامتا قبل مظاهرات الشباب. التدخلات الخارجية تحاول توجيه الأحداث بما يخدم مصالحها، أما في الداخل فهناك من يحاول سرقة التغيير والزعم أنه من إنتاجه، وهؤلاء قد يتحولون فيما بعد إلى أعداء لقوة الشباب.. أحزاب سياسية نائمة لم تستطيع خلال ثلاثين سنة إحداث أي تغيير تحاول الآن أن تقود حركة الشباب بانتهازية لا تتفق مع فكر الشباب وثقافته وادواته وتطلعاته، هو فكر مستقل ومطالبة مشروعة وليس له علاقة لا بالخارج ( نظرية المؤامرة) ولا بالداخل (الانتهازيون) ولذلك فإن من حقه أن يؤسس لنفسه حزبا جديدا يعبر عن ثقافته وتطلعاته الوطنية. أما بعض القنوات التلفزيونية فهي تتخيل أنها تقود قطار التغيير، وأنها تتميز بالمصداقية وهي في حقيقة الأمر متناقضة وانتهازية وتعمل لمصالحها ومصالح من يدعمها محليا وإقليميا، وهي بالتأكيد أحد المتسلقين لقطار التغيير..