لم يبق سعودي لم يصفق لفوز قطر باستضافة نهائيات كأس العالم 2022، كما لم يتأخر غالبية السعوديين في الإشادة بخطوة محمد بن همام بإعلان ترشحه لرئاسة (الفيفا)، وقد كنت واحداً منهم في الحالتين، إن لم أكن أولهم، فقد كتبت بعد دقائق من مؤتمر ابن همام مهللاً: "ابن همام.. وحانت اللحظة"، وأعني لحظة اختطاف مفاتيح (الفيفا) من يد بلاتر. السؤال الذي يطرح نفسه، ترى ما الذي يجعلنا كسعوديين نركب الموجة القطرية مع كل حراك عالمي تبادر قطر نحوه، هل الأمر يتعلق فقط بعلاقة الأخوة التي تجمعنا. لا أظن ذلك، وإن كان فيه شيء من هذا ولا شك، لكنني أجزم بأن الأمر يتعلق بوجود عقدة نقص لدينا، هي التي جعلتنا -في كثير من الأحيان- قطريين أكثر من القطريين أنفسهم. ما أعنيه بوضوح تام أننا حينما عجزنا عن تحقيق طموحاتنا من خلال رياضتنا السعودية أصبحنا نبحث عن التعويض من خلال الرياضة القطرية لسد هذا النقص، ولذلك بات المسؤول السعودي، ومعه الإعلامي السعودي، وقبلهم المشجع يبادرون لمباركة وامتداح كل حراك قطري وكأنه حراك سعودي، بل إن الأمر تعدى ذلك؛ إذ أصبح كل ما في الرياضة القطرية مضرب مثل ومحط مباهاة للسعوديين، بدءاً بالملاعب، ومرورا بالتنظيم والاستضافات، وليس انتهاء بالمبادرات القطرية الكبرى، وهو ما نلحظه خصوصاً حين إطلالة السعوديين على الإعلام القطري. لن أستغرب أبداً في ظل ما نلمسه من تضخم لعقدة النقص أن يأتي يوم نرى أنفسنا نشجع فيه (العنابي) بضراوة، وقد حدث شيء من ذلك مع خروج منتخبنا في نهائيات آسيا الأخيرة من الدور الأول وتأهل المنتخب القطري. قد لا يكون بالضرورة مثل هذا التشجيع على حساب (الأخضر)؛ ولكن قد نراه معوضاً لنا عن عقدة النقص في أوقات معينة؛ خصوصاً إذا ما استمر منتخبنا في رحلة التيه التي مضى فيها منذ مدة، وقد حدث مثل هذا الأمر في العقود الثلاثة الماضية؛ حيث تقاسمت منتخبات الكويت والعراق والسعودية هذا الدور على حساب منتخبات الخليج الأخرى، بسبب تفوقها في بعض المراحل واستحواذها على المشهد. موضوع عقدة النقص التي تولدت لدى الرياضيين السعوديين ليس سطحياً بل إنه معقد وشائك، وتتداخل فيه أمور كثيرة بعضها ليس رياضياً، ومن يتابع المشهد بصورته البانورامية يدرك ذلك، فالدور القطري بات مؤثراً على غير صعيد؛ لكن لا ينبغي القفز على سوء الأحوال الرياضية لدينا، والتي جعلتنا نتخلف بشكل واضح، إن على مستوى البنى التحتية، أو على المستوى التنافسي، والأعظم من ذلك أننا تخلفنا حتى على مستوى الحضور المؤثر في معادلة الرياضة القارية والعالمية؛ بدليل غياب كوادرنا عن المقاعد الكبرى فيها؛ ولنأخذ مثلاً ما يجري في ساحة كرة القدم القارية والعالمية، ففي حين يتحضر ابن همام للفوز برئاسة (الفيفا)، ها هو يوسف السركال يتحفز للانقضاض على كرسيه القابع في العاصمة كوالالمبور والذي سيشغر برحيله، بينما نحن نكتفي بمجرد الفرجة عليه الآن، وقد نطبل له بحرارة لاحقاً بعد أن يتربع عليه كما هو حالنا في كل مرة.