للوهم قوة نفسية عجيبة ، قد تتحول الى واقع محسوس في نفس الانسان المتوهم ، وربما عقيدة راسخة في عقله الباطن ، دعونا نقرأ على سبيل المثال هذه التجربة العلمية التي قام بها أحد الاطباء على شخص (محكوم عليه بالاعدام) بعد ان أقنعه بالموافقه على الخضوع لتجربة علمية مقابل بعض التعويضات المالية لعائلته ، وكذلك مقابل تسجيل اسمه في لائحة التأريخ العلمي ، وخدمة للعلم والبشرية، وتكفيرا عن بعض خطاياه ، وكان الطبيب يهدف لمعرفة مدى اثر الوهم والايحاء على النفس البشرية .. شرح الطبيب للمحكوم عليه بالاعدام بأنه سيطبق عليه الاعدام بواسطة تصفية دمه ليدرس المتغيرات التي سوف تطرأ على الجسم في تلك الحالة .. وبالفعل سلّم الرجل نفسه ، وتم عصب عينيه ، وقام الطبيب بمد خرطومين رفيعين من خلال مرفقيه مرورا بصدره وقلبه ، ووضع تحت المرفقين جرادل فارغة على بعد مناسب لكي يستمع المحكوم عليه لصوت سقوط الدم ، ومرر الطبيب ايضا في الخرطومين ماء دافئا بدرجة حرارة الدم لكي يحس المحكوم عليه بصدق التجربة عندما يمر الماء الدافئ على صدره ويديه ، ثم وخزه في المرفق وخزات وهمية ، ليبدأ الخيال وكأن الشرايين قد قطعت وبدأ الدم في الخروج والانصباب في الجرادل .!! تخيلوا أنه بمجرد مرور دقائق بدأ الشحوب على الوجه ، واصطبغ الجسم كله بالصفار ، وعندما جاءوا لفحصه عن قرب وكشفوا عن وجهه وجدوه قد مات ، نعم مات وقتله الوهم ولا شي غير الوهم .. بدون أن يفقد حتى ولا قطرة دم واحدة..!! مما يعني أن عقله الباطن قد صدق بالوهم والخيال الصوتي والحسي المركب ، ومن ثم أمر العقل كل اعضاء الجسم بالتوقف عن الحراك ، لأنه في اعتقاده بأن الدم قد فقد .!! **** ومن القصص التي ذُكرت لي ، أن رجلا قد غضب على زوجته غضبا شديدا ، فأقسم ان يعاقبها ، وفي احد الايام قال لها إنه سوف يتزوج وانه سيضع زوجته الثانية في الدور الثاني من البيت ، وكان بالفعل يصعد الى الدور الثاني ويصدر حركة وضجيجا وضحكا مصطنعا ليقهر بذلك زوجته التي كانت كالطير المذبوح مما تسمعه فوق رأسها ، ولم تمض ايام معدودات حتى ماتت الزوجة كمدا مما تحس به من لسع الغيرة ، ولكنها كانت غيرة من الوهم والخيال الذي صنعه زوجها .. **** ولذلك كان من الذكاء أن يقوم الانسان باستغلال هذه القدرة على صناعة الوهم الجيد الذي ينفع الناس ويرفع من همتهم ، ويزيل عنهم الاحباط والنظرة الدونية للنفس ، او الاستقلال بالقدرات والمهارات الفطرية ، فربما كان هذا الاطراء والتوهيم والإيحاء حافزا على الثقة بالنفس وانطلاقا للملكات المخفية وتحبيباً في ما يملك الانسان من مهارات وهوايات ، وفي المقابل عليه ان يحذر من الذين يقتلونه بالتخدير والتعطيل والتهميش والاستقلال والتحقير بطريقة التوهيم المحطم، والتخويف من كل جديد والتهويل من المجهول والرعب من الاقدام والتجريب ، فحذارِ من صناع الوهم ، فأكثرهم لا يجيدون الا وهم الجمود والسلبية والحزن والهدم.. وعلى دروب الخير نلتقي ..