تجاوز لاعبو الهلال والاتحاد اشكال الضغوط كافة التي تسبق عادة مواجهاتهما المهمة، وقدموا الاسبوع الماضي مباراة تميزت بالقوة والاثارة والروح الرياضية العالية. التزم الجميع في ذلك اليوم، من اداريين واجهزة فنية ولاعبين وجماهير باللعب النظيف داخل وخارج الملعب، حيث كان التشجيع مثاليا، والتصريحات متزنة والتصرفات حكيمة، رغم حساسية المباراة واهميتها بالنسبة للفريقين. تفرغ اللاعبون للكرة، والتزموا بتعلميات اجهزتهم الفنية، فلم نلحظ اي ( حركة سخيفة ) أو نسمع قولا بذئيا، او نرى مظهرا خادشا للحياء، بل حدث العكس، حيث تعانق اللاعبون بعد نهاية المباراة وتبادلوا القمصان في مشهد نتمنى ان يتكرر كثيرا. حافظ الفريقان على الارث التاريخي الضارب في الجذور لرياضة الوطن التي نشأت على التسامح والتوادد والالتزام بسمو الروح والاخلاق وجسدوا هذه الحقيقة على ارض الملعب قولا وفعلا. وحظيت هذه المبادرة الرائعة من لاعبي الفريقين بقبول واسع من كافة الوان الطيف الرياضي، ووجدت التقدير من القيادة الرياضية، لانها اكدت بما لا يدع مجالا للشك ان ما يجمع ابناء هذا الوطن اكبر من ان تؤثر فيه حالات عارضة. صحيح ان النتيجة كانت سلبية، لكن وقائع المباراة كانت كلها ايجابية، وصحيح ان الشباك لم تهتز اثناء اللعب، لكن المواجهة حققت اكثر من هدف خارج الملعب. كلام اللاعبين بعد المباراة اتسم بالواقعية، واحاديث المدربين لم تخرج من دائرة الشأن الفني، اما تصريحات الاداريين فقد كانت قمة في المسؤولية. وحتى الاحتجاجات التي طالت اداء الحكام من بعض الاداريين الذين شعروا بالظلم، لم تخرج عن الذوق العام، او تجرح احدا، فقد جاءت بطريقة مقبولة. ان الظواهر الحلوة التي صاحبت مباراة "الكلاسيكو" بين الهلال والاتحاد، من شأنها ان تؤثر ايجابا على لاعبي الاندية الاخرين وعلى مبارياتهم، سواء كان ذلك في دوري "زين" او في دوري الدرجات الاخرى. فالثقل الجماهيري الذي يتمتع به الناديان الكبيران على المستوى المحلي، والشعبية التي يحظى بها لاعبو فريقيهما سيكون لها دور فاعل في احداث التغيير وازالة حالات الاحتقان والشحن الذي يظهر احيانا في بعض المباريات. نأمل أن نشاهد مستقبلا مباريات خالية من الشحن الزائد والتوترات العصبية ، ونتمنى من لاعبي الفرق الاخرى ان يحذوا حذو لاعبي الهلال والاتحاد، وان يبادروا بنشر ثقافة التسامح والروح الرياضية السمحة. والرياضة كما يقولون فروسية وأخلاق.