الموضوعية دائما هي سر النجاح، والمنطق في تقدير الأمور يساعد أيضا على النجاح.. من الموضوعية أن نضع توقعاتنا من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في إطار معقول ولا نرفع سقف تلك التوقعات.. ليس لعدم ثقتنا بالقائمين عليها ولكن لأننا نعاني كمجتمع من ثقافة تحلل المال العام بشكل غير طبيعي.. نقبل على الوظيفة الحكومية وان كانت اقل دخلا وفق رؤية عدم الالتزام بالعمل والتغيب والتنصل من المسؤولية عكس القطاع الخاص لا فرار.. العمل أمامكم والخصم وربما الفصل خلفكم..؟ العهدة مثلا.. رغم أن الموظف يوقع بالاستلام إلا أن مسؤوليته تنتهي عند تلك الورقة وتضيع العهدة في دهاليز المؤسسة الحكومية كما يضيع وقت الموظف لا فرق بينهما..؟ خادم الحرمين انشأ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد واختار لها رجلا حظي بتوقعات ايجابية من غير طرف وتلك الشهادات تزيد من مسؤولياته أمام ربه أولا ثم أمام ولي الأمر وأمام المواطن.. اعتقد أن على الهيئة زراعة عيونها في بطن المؤسسة الحكومية ودهاليزها ولا تكتفي بالتقارير التي سترفع لها من قبل الوزارات لأنها (أي التقارير) قد تخفي الحقيقة كاملة أو بعضها بما يكفي لحماية مصالح البعض.. أيضا لابد من الاهتمام بعدم الازدواجية مع المؤسسات المشابهة وخاصة ديوان المراقبة، وان كنت اعتقد أن المرض الأخطر الذي أخشى أن يصيبها وبالتالي تصاب بالهزال وتعجز عن أداء المهمة هو مرض البيروقراطية الإدارية..؟ أيضا لابد أن تزرع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ثقافة النزاهة داخل المجتمع ككل بحيث يعرف الجميع أنهم شركاء في التنفيذ والوقاية.. نعم نحن نعاني من فساد إداري ومالي وخادم البيتين مع النسبة الكبرى من المجتمع يريدون الإصلاح.. والإصلاح ليس مفردة خاصة بفئات وظيفية معينة بل هو مسؤولية عامة تشمل الجميع.. ومن حق الوطن أن يكون الجميع شركاء في الإصلاح عبر رفض كل أشكال الفساد أو الصمت عن كل أشكاله بالإضافة لتحمل كل مواطن دوره في تنفيذ عمله بكل إتقان وجدية وعدم الصمت عن مظاهر الفساد الإداري.. نعم الفساد ليس ماليا فقط بل عدم قيام الموظف بمسؤولياته بدقة وحرص يعتبر فسادا سواء كان الموظف وزيرا أو سائق سيارة حكومية..؟ نعم الفساد بحجم تأثيره يختلف حسب قوة النفوذ ولكنة كسلوك محرم لا يختلف من المنظور الشرعي فكله حرام.. ويعتبر فسادا.. نحن في حاجة لإنعاش ثقافة محاربة الفساد من خلال الارتقاء بمنتجنا العملي وتحملنا مسؤوليتنا أياً كانت داخل الجهاز الحكومي.. بغياب جملة راجعني بكره نحارب الفساد، وبغياب جملة "مو شغلي" نحاربه، وبرفض الرشوة نقفل بعض الأبواب، وبمراقبة الله قبل أي شيء نحكم الأبواب في وجوه من يعتقدون أن الفساد حق مشروع لهم.. الهيئة مطالبة بمتابعة الفساد داخل المؤسسة الحكومية وليس داخل الأوراق والتقارير المرفوعة، أيضا على المواطن في كل موقع أن يساهم بالقضاء على الفساد، وان يكون شريكا في تحقيق تطلعات ولي الأمر والمجتمع ككل في مكافحة الفساد من خلال تحمل مسؤوليات العمل وعدم الصمت على مظاهر الفساد لنكون كلنا وطنيون، وكلنا عيون للهيئة ومحققون لتطلعات الملك عبدالله - حفظه الله - وتطلعاتنا جميعا..