في تاريخ الشعوب عظماء يخلد الزمان ذكرهم وتشكر الأجيال فعلهم وصنيعهم وتسكن في الأفئدة محبتهم وودادهم، وقد تجلى معنى هذه الكلمات كالشمس الضاحية حين شاهدنا الفرحة الصادقة التي لامست شغاف القلوب وعانقت الأرواح بوصول مولاي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله إلى بلاده سالماً معافى بعد أن من الله عليه بالشفاء استجابة لدعوات الملايين من أبناء شعبه وأمته فوحد الله به القلوب التي اجتمعت على محبته كما جمع بوالده المؤسس الباني رحمه الله شمل هذه البلاد في دولة مباركة على أقدس أرض. إن احتفاء بلادنا قيادة وشعباً بسلامة خادم الحرمين الشريفين وعودته لهو شكر للمولى عز وجل على ما امتن به علينا من نعم، وعرفان بالجميل لمن يقود هذا الكيان الشامخ، ودرس لتعميق مشاعر الوطنية والانتماء لجيلنا والأجيال القادمة. ففي الوقت الذي تمور فيه الأرض وتضطرب من حولنا مطالبة قادتها بالرحيل فإن بلادنا تغمرها الأفراح مرحبة بلقاء الأحبة ثابتة أركانها راسية أوتادها بقيادة خالطت محبتها الأرواح والأجساد وفي ذلك مدعاة للاعتزاز والفخر بهذا التلاحم والتواصل الفريد بين القيادة والشعب. إن لهذه القيادة الرشيدة علينا حقاً واجباً يتجدد كلما تنسمنا هواء الرخاء وكلما عايشنا الأمن الذي تفتقده الكثير من شعوب العالم، وإن لهذه القيادة حقاً علينا أن نفخر بها ونباهي كيف لا وهي محط احترام العالم ومضرب الأمثال في السعي لرفاهية شعبها. إن هذه المحبة الغامرة لمولاي خادم الحرمين الشريفين منبعها إحساس الشعب السعودي بأبوته الحانية، وتواضعه الجم، ورحمته برعيته، والإيمان الراسخ برغبته الأكيدة والصادقة في تحقيق غايات وطوحات شعبه والسير بهم نحو النماء والازدهار وهذا ما تجلى في المشاريع الإنمائية العملاقة التي بدأت في عهده الزاهر في مختلف المجالات، وفي القرارات الملكية الكريمة الهادفة إلى ذلك. لقد تبوأت بلادنا بفضل الله تعالى ثم بفضل القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني مكانة سامية بين الدول بنهضتها الحضارية التي تحققت في سنوات قلائل وبسياستها الحكيمة المتوازنة التي عرفت بها منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا. إن القفزات الحضارية والتنموية التي شهدتها المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين لا مثيل لها في المجالات الاقتصادية والتعليمية والصحية وفي مجالات التنمية البشرية وغيرها كل ذلك في فترة وجيزة لا تكاد تذكر وتضاهي ما حققته دول في مئات السنين. فبلادنا اليوم أكبر مصدر للنفط والطاقة في العالم كما أنها ضمن مجموعة العشرين الاقتصادية وهي كذلك إحدى أكثر الدول مساهمة في برامج العالم الإنمائية. إن من أجل النعم على أرض الحرمين الشريفين هي القيادة الرشيدة التي سعت دونما كلل للارتقاء بهذا الوطن وإنسانه حتى أوصلته إلى مانعايشه اليوم من رخاء وأمن رغم الأزمات التي مرت بها المنطقة والعالم. ولعل مما تجدر الإشارة إليه هنا أن المحبة العميقة التي تكنها الشعوب العربية والإسلامية لخادم الحرمين الشريفين هي ردة فعل طبيعية وجزاء إحسان بإحسان لما يقوم به يحفظه الله من دور بارز لخدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية مستعيناً بعد الله بما حبا الله به المملكة من نعم ومكانة دولية فكانت السباقة دائماً لمد يد العون إنماءً وإغاثة وامتدت أياديها البيضاء لمساعدة المحتاجين في مختلف الدول دون تمييز لتستحق عن جدارة أن يطلق عليها مسمى مملكة الإنسانية الذي غدت تعرف به في جميع انحاء العالم. لقد قامت المملكة بجهود ضخمة لخدمة الإسلام والمسلمين من عمارة للحرمين الشريفين وخدمة الحجاج وطباعة ونشر كتاب الله وبناء المساجد في عواصم العالم وقراه وسعت جاهدة لرفع الضرر الذي لحق بهذا الدين الخاتم ومعتنقيه نتيجة أخطاء الجهلة والمتنطعين وواجهت المملكة بسبب ذلك حملات إعلامية هوجاء انهزمت جميعها بتصميم الرجال وعزم الصادقين وقوة الحق الأبلج. كما نجحت المملكة بفضل الله تعالى ثم بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وبجهود المخلصين من إخوانه وأبنائه في التصدي لمحاولات تهديد أمنها الذي هو مضرب الأمثال وتجاوزت بتوفيق الله وإنجازات قادة الأمن ورجاله ظاهرة الإرهاب التي سعت لزعزعة أمن أرض الرسالة. إن من يطلع على حجم الكيد الذي كان موجهاً لهذه البلاد سيدرك عظمة الإنجاز الذي تحقق بدحره ورده والفضل في ذلك بعد الله تعالى يرجع لتصميم القيادة الرشيدة على اجتثاث الإرهاب من جذوره ثم لمن حفظ الله به أمن هذه البلاد رجل الأمن العربي الأول سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو نائبه الأمير أحمد بن عبد العزيز وسمو مساعده للشئون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز حفظهم الله الذين ضرب الله بهم هامة الإرهاب ففلقها وثبت بهم أقدام جنودنا البواسل الذين شهد لهم العالم أجمع بالكفاءة والاقتدار في مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية وحققت المملكة في هذا المجال نجاحات نوه بها أهل الاختصاص من مختلف الدول والمنظمات. إننا إذ نحتفي بعودة خادم الحرمين الشريفين فإننا نحتفي بقائد وطن لا يحل الذم ساحته متفرد في عطائه متفرد في إنجازاته في وطن نفخر بالانتماء إليه ، وطن رايته كلمة التوحيد وجغرافيته قبلة الملايين وإنسانه سليل من نشروا النور في الأرض شرقاً وغرباً ، وطن قيادته نعمة من المولى وترابه دونه الأرواح والمهج . حفظكم الله ياملك القلوب ومتعكم بالصحة والعافية ومتعنا بقيادتكم تاجاً على الرؤوس وحبيباً إلى القلوب تحيا بكم كل أرضٍ تنزلون بها كأنكم في بقاعِ الأرض أمطارُ تغيث الأرواح والقلوب ، وتبسط العدل وتنشرهُ ، وتنصر الدين وتظهرهُ ، وتكف العابث وتزجرهُ، والمجد عوفي إذا عوفيت والكرمُ ، والمجد يذكر حيثما تُذكر سيدي وهو يعتز حين يقترنُ. * مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية