أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يوم أمس الأول (الجمعة) عن عدد من القرارات المالية الهادفة إلى دعم رفاهية وراحة المواطنين تقدر تكلفتها ب 350 مليار ريال سعودي. وكانت عدد من القرارات في ذات الاتجاه قد صدرت قبل نحو ثلاثة أسابيع تقدر كلفتها ب 135 مليار ريال سعودي. واتسمت القرارات الأخيرة (21 أمراً ملكياً في جملتها) بأهميتها وكانت كبيرة في حجمها حيث أنها وصلت إلى 21 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في عام 2010 أو ما يعادل 56 بالمائة من الإنفاق الفعلي في ميزانية العام الماضي. في مجموعها تشكل كلا حزمتي القرارات والتدابير المالية 29,7 بالمائة من الناتج الاجمالي المحلي في العام الماضي وأكثر من نصف 302,2 مليار دولار شكلت العائدات المتراكمات لتصدير النفط خلال السنة الماضية. ونعتقد أنه يمكن تنفيذ هذه القرارات بيسر وسهولة حيث أن سعر خام غرب تكساس قد وصل إلى 103 دولارات وخام برنت إلى ما يزيد عن 113 دولاراً للبرميل في هذا الأسبوع. وبات بالإمكان استخدام عائدات النفط المرتفعة لدعم قرارات الانفاق والاستفادة من أصول البلد الأجنبية التي بلغت 444,5 مليار دولار في دعم تنفيذ هذه القرارات والإجراءات. وتدرك السلطات أن تنفيذ جملة القرارات والتدابير لا يمكن ان يتم بين عشية أو ضحاها وأنها في مجملها يمكن أن تستغرق أكثر من سنة او سنتين. بعض من القرارات والتدابير يمكن تنفيذها على المدى القصير والأخرى يتطلب تنفيذها وقتاً. وبالنظر لحجم القرارات فإننا نتوقع أن يستغرق تنفيذ بعض القرارات بضع سنوات. فعلى سبيل المثال، تحتاج القرارات الخاصة بالإسكان إلى بعض الوقت لتنفيذها حيث أنها تتطلب تنسيقاً اضافياً بين الهيئات الحكومية والمقاولين والمطورين. أما القرارات الخاصة بصرف الإعانات وغيرها من قرارات الإنفاق الجارية فسوف يتم تنفيذها على الفور/أو على المدى القريب. وعلاوة على ذلك، فإننا نعتقد أن السلطات تدرك تماماً أن انفاقاً بهذا الحجم إذا ما تم تنفيذه خلال فترة قصيرة ستكون له تأثيرات تضخمية كبيرة. وتصحب زيادة الأجور دائماً بعض التأثيرات التضخمية حيث أنها تؤثر تأثيراً مباشراً على الاستهلاك. ونعتقد كذلك أن ضغوط التضخم آخذة في الازدياد بسبب الضغوط العالمية الناجمة عن الزيادة في أسعار السلع الأساسية والتي من شأنها ان تبرز للسطح في وقت لاحق من هذا العام. الزيادات في الاجور والعلاوات وسوف تضيف إعانات الأجور والعلاوات فضلا عن الزيادة في الانفاق على الخدمة المدنية بعض الضغوط التضخمية. وتهدف القرارات لدعم الاقتصاد بحيث يشمل كافة شرائح السكان. بعض القرارات ذات تأثير مباشر والبعض الآخر مثل السكن والخدمات الطبية تهدف إلى معالجة قضايا معيشية أساسية. وتهدف السياسات الاقتصادية إلى تخفيف عبء ارتفاع أسعار العقارات واختلالات سوق الإسكان وفي ذات الوقت تساعد المواطنين الشباب على مواجهة تحدي البطالة المتزايدة. وتتسم القرارات الخاصة بسكن الفئات المحتاجة بأنها جاءت في الوقت والمكان المناسبين. وسيتم تخصيص 250 مليار ريال لتدابير السكن (الهيئة العامة للإسكان) وتأمين بناء نصف مليون وحدة سكنية. وسوف يستغرق بناء نصف مليون وحدة وقتاً. وسيقوم صندوق التنمية العقارية برفع القرض العقاري من 300,000 ريال إلى نصف مليون ريال. ونعتقد بأن السكن عنصر هام جداً في الاقتصاد حتى ولو أن نصف مليون وحدة سكنية لن يتم بناؤها في عام واحد. وقد تم ضخ 40 مليار ريال إضافية في رأس مال صندوق التنمية العقارية كجزء من قرارات فبراير. وتشمل القرارات الإضافية راتب شهرين مكافأة لجميع موظفي الخدمة المدنية والطلاب (في الجامعات العامة وجزء من 106،000 طلاب يدرسون في الخارج إطار برنامج الملك عبد الله للابتعاث) وكذلك جميع أفراد القوات المسلحة (العاملين والمتقاعدين)، وأمر الملك بإحداث 60000 وظيفة أمنية جديدة في وزارة الداخلية. هذا بالإضافة إلى دفع ألفي ريال للباحثين عن العمل في القطاعين العام والخاص. كما شملت القرارات إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد وفحص جميع المشاريع الحكومية من قبل هيئة مكافحة الفساد وهي خطوات مهمة من أجل السيطرة على الفساد العام. وشملت القرارات اانفاق إضافي على المرافق الطبية(16 مليار ريال) وبناء مرافق هيئة الأمر بالمعروف(200 مليون ريال) وتجديد وبناء مساجد(500 مليون ريال) وزيادة الحد الأقصى لتسهيلات القروض للمستشفيات الخاصة من 50 مليون ريال إلى 200 مليون ريال وعقوبات على التجار الذين يتلاعبون على الأسعار. وتستهدف المبادرات التي أعلن عنها يوم الجمعة مجموعة شاملة من القضايا التي تهم المواطنين السعوديين وتقدم الدعم خاصة للفئات ذات الدخل المنخفض والتي سوف تستفيد بشكل كبير من التوسع في خدمات التأمينات الاجتماعية والإسكان. ويتعين على الحكومة مواصلة بذل الجهود لدعم من هم في أشد الحاجة للمساعدة. التغييرات المطلوبة هيكيلة وتحتاج إلى تخطيط طويل الأجل . مشكلة السكن لا يمكن حلها في عام واحد أو عامين ولكن الاهتمام الذي توليه الحكومة في هذه المرحلة يسير على الطريق الصحيح. ونعتقد بأنه سيتم الاعلان عن المزيد من القرارات الاقتصادية في الأسابيع القادمة بما في ذلك تعديل وزاري.. * المدير العام وكبير الاقتصاديين - البنك السعودي الفرنسي