كان خبر الأسبوع هو الأمر الملكي الذي صدر يوم الجمعة بإنشاء وزارة للإسكان في المملكة العربية السعودية، وتعيين الدكتور شويش الضويحي أول وزير لها. وربما كان إنشاء هذه الوزارة ضرورياً في ضوء الزيادة الكبيرة في برامج الدعم الحكومي للإسكان، التي تجاوزت (300) مليار ريال في الأوامر الملكية التي صدرت الأسابيع الماضية، تُضاف إلى ما سبق اعتماده لتلك البرامج في ميزانية هذا العام. وربما كانت مشكلة الإسكان المشكلة الرئيسية الثانية التي تواجه الاقتصاد السعودي بعد مشكلة البطالة. فوفقاً للإحصائيات الرسمية، فإن نحو 40% من الأسر السعودية لا تمتلك سكناً، أي حوالي سبعة ملايين مواطن ومواطنة. وقد تضافرت عدة أسباب لتفاقم هذه الأزمة، أهمها ارتفاع أسعار الأراضي، وعدم توفر التمويل العقاري من البنوك، وارتفاع تكلفته حين يتوفر، وساهم في هذه الأزمة تأخر إقرار قانون الرهن العقاري، وضعف منظومة المعلومات الائتمانية، والهجرة الداخلية إلى المدن الكبرى، والبطالة، وانخفاض معدلات الدخل لدى شريحة كبيرة من المواطنين على نحو يجعل تمويل شراء أو بناء سكن مستحيلاً. ولذلك كان الخيار المتوفر هو تقديم تمويل حكومي، بدلاً من التمويل المصرفي الذي تعتمد عليه معظم دول العالم. ولكن التمويل الحكومي، ممثلاً في صندوق التنمية العقارية، لم يستطع مجاراة الاحتياجات المتزايدة للمواطنين، مما جعل قائمة الانتظار تمتد سنوات طويلة، فضلاً عن أن الكثيرين لم يتقدموا إلى الصندوق للحصول على قرض بسبب فترة الانتظار الطويلة. ولذلك فإن تأسيس وزارة متخصصة للإسكان قد يجعل من الممكن وضع برنامج عملي للسيطرة على أزمة السكن، خاصة حين نأخذ بعين الاعتبار المبالغ التي تم رصدها ووضعت في تصرف الوزارة، والتي تتجاوز (300) مليار ريال. ومن المتوقع أن تشكل الهيئة العامة للإسكان، التي أنشئت من نحو خمسة أعوام، نواة تشكيل وزارة الإسكان، وأن يُضم إليها ما يتعلق بالإسكان في الأجهزة الحكومية القائمة حالياً، ويُنقل إليها الموظفون العاملون في مجال الإسكان والوظائف والمخصصات المالية والممتلكات المحددة لهذه المهمات، وجميع الوثائق ومخططات المشروعات القائمة والمستقبلية وعقودها. ووفقاً لأمر إنشائها ستتولى وزارة الإسكان ممارسة جميع المهام والاختصاصات المتعلقة بالإسكان بما في ذلك الاختصاصات المقررة لهيئة الإسكان، وتتولى المسؤولية المباشرة عن كل ما يتعلق بأراضي الإسكان في مختلف مناطق المملكة، ويحظر التصرف بأي حال من الأحوال في هذه الأراضي في غير الأغراض المخصصة للإسكان الحكومي. ويأتي إنشاء الوزارة في أعقاب القرارات التي صدرت خلال الأسابيع الماضية لمعالجة أزمة الإسكان، وتشمل دعم قدرة صندوق التنمية العقارية على تقديم القروض واختصار وقت الانتظار، كما تشمل تكليف وزارة الإسكان ببناء وحدات سكنية للمواطنين. وهذا تفصيل لهذين النوعين من الدعم: أولاً: دعم صندوق التنميةالعقاري (40 مليار ريال): في 20 ربيع الأول 1432ه (23 فبراير 2011م) صدر الأمر الملكي (أ/18) بدعم رأس مال صندوق التنمية العقارية بمبلغ إضافي قدره(40) مليار ريال، لتمكينه من إنهاء الطلبات على القروض والتسريع في عملية الحصول على القروض، وإعفاء جميع المتوفين من أقساط قروض صندوق التنمية العقارية للأغراض السكنية الخاصة المستحقة عليهم دون أية شروط، وإعفاء جميع المقترضين من صندوق التنمية العقارية للأغراض السكنية الخاصة من قسطين لمدة عامين. وفي 13 ربيع الآخر (18 مارس) صدر الأمر الملكي (أ/64) برفع قيمة الحد الأعلى للقرض السكني من صندوق التنمية العقارية من (300) ألف ريال إلى (500) ألف ريال. ليصبح (500.000) خمسمئة ألف ريال اعتباراً من تاريخه. وأخذاً باعتبار الحد الأقصى الجديد للقروض العقارية، فإن المستفيدين من هذا الدعم الإضافي (80) ألف مقترض، بالإضافة إلى ما يمكن توفيره من موارد لتمويل قروض جديدة من خلال ما يتم تسديده من قروض سابقة. ثانياً: الإسكان الحكومي المباشر (265 مليار ريال): في 23 فبراير صدر الأمر الملكي (أ / 21) بدعم ميزانية الهيئة العامة للإسكان (وزارة الإسكان الآن) بمبلغ (15) مليار ريال، وفي الأسبوع الماضي صدر الأمر الملكي (أ/63) في 13 ربيع الآخر (18 مارس) باعتماد بناء خمسمئة ألف وحدة سكنية في كافة مناطق المملكة، وتخصيص مبلغ إجمالي لذلك قدره (250) مليار ريال، وتتولى الهيئة العامة للإسكان (وزارة الإسكان الآن) مسؤولية تنفيذ هذا المشروع، أي بواقع نحو نصف مليون ريال لكل وحدة. ولم تحدد القرارات الصادرة الفترة الزمنية التي يُتوقع أن يتم خلالها بناء نصف مليون وحدة سكنية، أو أوجه صرف مبلغ (15) مليار ريال لدعم ميزانية الوزارة. وإذا أضفنا البرنامجين معاً، سيكون هناك نحو (600) ألف مستفيد من الدعم الحكومي لبرامج الإسكان، مما قد يخفض نسبة من يمتلكون سكناً إلى 20% أو أقل، حسب سرعة الإنجاز في هذه المشاريع. وهي نسبة معقولة بالمعايير الدولية. هذا عن التأثير المباشر لهذه التدابير، أما التأثيرات غير المباشرة، وكذلك التحديات التي قد تواجه تنفيذ هذه البرامج، فهي موضوع حديث آخر. نقلا عن الوطن السعودية