لقد تسبب التسونامي الذي ضرب اليابان ليس فقط في إحداث دمار هائل وإنما أدى أيضاً إلى فشل أنظمة التبريد في بعض المفاعلات النووية عن العمل بشكل صحيح الأمر الذي أدى إلى إغلاق 11 مفاعلاً وأربع محطات وكذلك إلى إعلان رئيس الوزراء الياباني ناوتو حالة "طوارئ نووية" في جميع أنحاء البلاد وذلك امتثالاً منه للقانون الياباني الذي ينص على ضرورة إعلان تلك الحالة إذا فشلت أنظمة تبريد أي مفاعل نووي في البلاد. ومثلما نعلم فإن اليابان تغطي 33% من احتياجاتها للكهرباء من خلال المفاعلات النووية التي يبلغ عددها 55 مفاعلاً. ولذلك فإن توقف 11مفاعلاً عن العمل يعني أن 20% من الطاقة النووية قد أصبحت معطلة عن العمل. من ناحية أخرى فإن التخوف من الإشعاع النووي على أثر الانفجارين اللذين وقعا في اثنين من المفاعلات النووية الثلاثة في مجمع فوكوشيما لتوليد الطاقة باليابان، واحتمال كبير لحدوث انصهار نووي في المفاعل الثالث قد دفع المسؤولين إلى مناشدة سكان المنطقة المجاورة للمحطة وحتى مسافة 30 كيلومترا منها بالتزام بيوتهم أو المغادرة إلى أماكن أخرى أكثر أمان، وإلى فرض منطقة حظر طيران قطرها 30 كيلومترا حول موقع المحطة لمنع الطائرات من نشر الإشعاع إلى مناطق أوسع. فمثلما نرى فإن المخاطر والخسائر الناجمة عن التسرب الإشعاعي في مجمع فوكوشيما النووي خلال بضعة أيام تفوق الأضرار التي أحدثها التسرب النفطي في خليج المكسيك الذي دام عدة أشهر. الأمر الذي يعني طرح مزيد من الاستفسارات حول جدوى استخدام الطاقة النووية. وهذا أمر مهم بالنسبة لمنطقتنا من ناحيتين. الناحية الأولى: هي موضة المحطات النووية التي بداء الترويج لها في وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة على أثر الجهود-غير الحميدة- من قبل تجار المشتقات النووية. فلعل ما حدث لمفاعل مجمع فوكوشيما الياباني ومن قبله تشرنوبيل السوفيتي أن يصبح عظة وإنذارا لكافة بلدان الشرق الأوسط التي أعلنت أو تنوي الإعلان عن إقامة محطات نووية بالعدول عن نواياها- وأن ينبه إيران إلى المخاطر الناجمة عن تشغيل المحطات النووية خصوصاً وأنها بلد معرض للزلازل مثل اليابان. أما الأمر الآخر الذي يهمنا أيضاً فهو أن التسرب الإشعاعي من مجمع فوكوشيما سوف يضع الكثير من علامات الاستفهام على استخدام المحطات والمفاعلات النووية لتوليد الطاقة. وعلى الأقل فإن ما حدث سوف يؤدي إلى رفع التحوطات عند إنشاء مثل تلك المحطات في المستقبل وإلى إعادة النظر في استخدام المحطات المبنية والتي لا تتوفر فيها معايير السلامة الحديثة. وهذا وذاك أمور كلها سوف تصب في مصلحة النفط. فبلدان مثل اليابان والصين والهند وفرنسا وغيرها إذا ما قلصت اعتمادها على مصادر الطاقة النووية ورفعت وارداتها من النفط فإن ذلك من شأنه أن يزيد الطلب على الذهب الأسود وأن يحافظ على سعر مشجع لبضاعة نحن أهم منتجيها.