لا شك أن المديرية العامة للدفاع المدني تقوم بدور جبار في كل مهمة توكل اليها ، ولا شك أن وجودها في كل ملمة أو حادثة مبعث طمأنينة ومثار إعجاب وفخر ، غير أن المنظومة لا تكتمل بغير اكتمال عناصرها ولا أعتقد أنه من المناسب أن يكون لدينا هيئة للمواصفات والمقاييس تدعمها قوانين لمنع ومكافحة الغش، وحرس حدود ومفتشو جمارك لكن ماتزال العينات الرديئة من الاجهزة الكهربائية والكابلات والموصّلات شديدة الخطورة تباع في كل مكان وكأنها مشاريع حرائق وكوارث يجب على الدفاع المدني أن يستعد لها سلفا .. ايضا من غير المقبول ولا المعقول أن تظل بيوتنا ومنشآتنا خاضعة لهوى صاحب العقار فيما يخص تعليمات السلامة دون أن تلزمه جهة ما إلزاما مشمولا بالتنفيذ لكي يحمي ارواح من يعيشون في هذه المنشأة أو تلك ، مثلا مخارج الطوارئ ووجود انظمة الانذار ومكافحة الحرائق والصيانة الدورية للمصاعد وخزانات المياه والغاز المركزي وكابلات الكهرباء ، بل حتى إن قرارا او تشريعا صدر بعدم تسييج النوافذ خاصة في الادوار العلوية لكي يسهل النفاذ منها وإجراء عمليات الانقاذ العاجلة لكنه لم ينفذ ولا توجد فيلا او عمارة يتم بناؤها تطبق هذا القرار كأنه صنع لبلد آخر .. أقول هذا الكلام بعد حضوري لدورة سريعة في تقنيات الدفاع المدني وجهت للاعلاميات في كل وسائل الاعلام قدمها الملازم أول حمد الشلوي وتبين لي من خلالها مقدار معاناة جهاز الدفاع المدني من ملاحقة أخطار كثيرة كان يمكن تلافيها بقليل من الوعي والانضباط واحترام القانون .. فمن غير المعقول أن يظل الدفاع المدني يكرر تعليماته وارشاداته ليل نهار ويوصي بأشياء تمس صلب حياتنا اليومية وتدخل في تفاصيلها ومع ذلك لا نزال نكرر اخطاءنا سواء في نطاقنا الخاص أو بسبب اتاحة ادواتها تجاريا .. كم من الارواح والجهود والاموال والمصائر المظلمة يمكن أن تتوفر اذا اعتبرنا أن تعليمات السلامة جزءا من حياتنا نؤديها بشكل تلقائي لأننا تربينا عليها ودرسناها في مدارسنا وتعلمنا تقنيات بسيطة تكفينا مؤونة عذابات جسدية ونفسية لا تنتهي .. اين يكمن الخلل اذا كان هذا الجهاز الوطني يخدم بكل اخلاص لكن الحوادث بكل انواعها لا تزال تقع بنفس النسب دون ان تسجل تراجعا .. واذا كنا نفهم أن هناك حوادث كثيرة تحتاج كامل طاقة الدفاع المدني تشمل كل ما ليس للانسان يد مباشرة فيه كالكوارث الطبيعية غير المتوقعة فلابد أن نفهم أيضا أن "الدفاع " لا يحتاج الى مديرية لكي ينقذك من اخطائك ونقتنع بأن الدفاع مسؤولية خاصة وواجب يصل الى مرتبة الفرض حين يتعلق الأمر بكون كل فرد راعيا مسؤولا عن رعيته .. تحية إعزاز وتقدير للدفاع المدني بكل طوائفه وكامل الاحترام لكل مهامه التي تتجاوز بكثير الانقاذ والاطفاء ..