"الغذاء والدواء" تحذر من شراء مستحضرات التجميل من المواقع غير الموثوقة    الفصيلي يدشن ويوقع كتابه التطور التاريخي لأنظمة الترقيات في المملكة    مكتب تعليم العوالي يحتفل باليوم الوطني 94    تركيا تفرض ضريبة الشركات بحد أدنى 10 % لخفض العجز في الميزانية    السعودية تسجل نموًا ب 656% في أعداد السياح الوافدين في 2024    ضبط 15324مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    جمعية الأمير محمد بن ناصر تحتفل باليوم الوطني ال ٩٤ بالتعاون مع جمعية وجد الخير والمعهد الصناعي بالراشد مول جازان    " البديوي" يؤكّد على تطلّع دول مجلس التعاون لبناء علاقات إستراتيجية وثيقة    تشكيل الهلال المتوقع أمام الخلود    بلان: الجانب البدني سر تفوق الإتحاد    رياض محرز: دعم الأهلي أقل من أندية آخرى    بحضور 3000 شخص.. أحد رفيدة تحتفل باليوم الوطني    انخفاض سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال حسن نصرالله    وزير الخارجية يشارك في جلسة مجلس الامن بشأن فلسطين    رابطة العالم الإسلامي ترحب بإعلان المملكة إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»    ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي في غزة إلى 41586 شهيداً    عضو الجمعية العمومية ورئيس لجنة التطوير الاستراتيجي بجمعية الإسكان التنموي بمنطقة الرياض " بيتي "    محافظ هروب يرعى حفلَ الأهالي بمناسبة اليوم الوطني ال 94    أنباء متضاربة حول مصير حسن نصر الله    الجبير يلتقي وزير الدولة البريطاني لأمن الطاقة والحياد الصفري    نخيل القصيم أمسية في المسرح الروماني    اتفاق على الإعفاء المتبادل من التأشيرة بين المملكة وطاجيكستان    رابطة العالم الإسلامي ترحب بإعلان المملكة إطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"    رصد المذنب "A3" فجر أمس في سماء مدينة عرعر بالحدود الشمالية    الزمالك سوبر أفريقيا    مدرب الأهلي: أنا المسؤول عن الخسارة أمام القادسية.. ومطالبي لم تتحقق    القادسية يتغلب على الأهلي بهدف في دوري روشن    نقاء تدشن إنطلاقتها بالإحتفاء باليوم الوطني السعودي ٩٤    محافظ العيدابي يرعى احتفال الاهالي باليوم الوطني ال94    محافظ احد رفيدة يرعى احتفال المحافظة باليوم الوطني 94    إحباط تهريب (130) كجم «قات» في جازان و(10) كجم «حشيش» في عسير    الاتحاد يعبر الخليج.. و الأهلي ينزف    الكتاب... «معين يفيض بالمعرفة»    "منطق الحكاية العربية".. إحدى ندوات معرض الرياض الدولي للكتاب    شكر النعم    «الصحة» تؤكد.. أولوية "الخدمة" لمن لديهم مواعيد مسبقة في المراكز الصحية    الاندماج بين مجموعة مغربي للتجزئة وريفولي فيجِن يقود إلى تطور قطاع البصريات في الشرق الأوسط    "المتاحف" تطلق معرض فن الصين الأول في المملكة    خطيب المسجد النبوي:صفتين محمودتين يحبهما الله هما الحلم والأناة    وزير الخارجية يفتتح الفعالية رفيعة المستوى «الطريق إلى الرياض» بنيويورك    لتجذب الآخرين.. احفظ هذه الخمس    ردع العابثين    5 أمور تجعل تنظيف الأسنان أساساً    صدمة..حمية الكيتو تهددك بالسكري!    قصر النظر وباء يتطلب استجابة عاجلة    أمير القصيم دعم رجال الأعمال يعكس وعيهم في بناء مجتمع معرفي    عندي لكم خبرين !    أعتى تضاريس وأقسى مناخات!    الأفكار التقدمية خطر أم استقرار؟!    من البساطة إلى التكاليف!    أمير الرياض: إطلاق 'مؤسسة الرياض غير الربحية' تجسيد لحرص القيادة على دعم وتطوير العمل المؤسسي والاجتماعي    ولي العهد يُعلن إطلاق مؤسسة الرياض غير الربحية وتشكيل مجلس إدارتها    تعليم مكة يحتفي باليوم الوطني ب " السعودية أرض الحالمين " وأوبريت "أنا وطن"    وزير الخارجية في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن: السعودية ملتزمة بتعزيز العمل الجماعي لتحقيق الأمن والتنمية    الحب والروح    أكد دعم القيادة للعمل الخيري الإسلامي وسرعة الاستجابة.. الربيعة: المملكة تولي اهتماماً كبيراً باللاجئين في العالم لعيشوا بأمان وكرامة    اكتشاف نوع جديد من القرش «الشبح»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدة.. الحريق أم التحقيق الغريق؟!
نشر في اليوم يوم 27 - 11 - 2011

كمبدأ أساسي تقع كوارث في كل زمنٍ ومجتمع، لكن تقدير المسؤولية فيها يعتمد على علاقة البشر بهذه الكارثة وتفاقم ضحاياها ولذلك قرر علماؤنا القاعدة الشرعية وهي أنّ - الإيمان بالقضاء والقدر يؤمِنُ به ولا يحتج به – ومن ذلك ألا يُبرّر إنسان ما ارتكبته يداه من جناية أو تقصير أو تجاوز عن فساد أو تمرير ما يضّر أو يُلحق الضرر أو يفاقمه بالأقدار،
بل قد تمتد المسؤولية على كل تواطؤ، ولذلك توعّد عمر «رضي الله عنه» كقاعدة بأن قتيل صنعاء في عهده لو ثبت لديه تشارك كل صنعاء في قتله لاقتص منهم، وفي ذات المعنى تُعمم المسؤولية الهرمية من خلال قوله «رضي الله عنه»: لو عثرت بغلة في ارض العراق لسئل عمر لِمَ لَمْ تصلح لها الطريق يا عمر.. هنا ابتداءً يبرز لكم حجم التضليل الذي يمارسه بعض الوعاظ أو المتنفذين في التخفيف من المسؤولية المباشرة للفساد والتقصير الذي يؤدي لفقدان ضحايا وأطفال ومنشآت مادية والروح قبل ذلك هي قمة ما عظّمه الشرع وشدّد في حساب من يُلحق بها الأذى.
ولقد وقفنا في كارثتنا الوطنية التي تمثلث في حريق جدة واستشهاد المعلمتين ريم النهاري وغدير كتوعة وإصابات بالغة منها في العناية المركّزة لمعلمة أخرى وعشرات الإصابات المروّعة لفلذات الأكباد وحالات مرضية وانهيارات عصبية عاشها الأهالي مع الضغوط النفسية الهائلة، وإذ نتقدّم لأهلنا بعظيم التعازي والمواساة لنقف تكريما لدور المعلمات الإنقاذي والذي تصدّره تضحية ريم النهاري وفداؤها للصغار حين انزلتهم من الدور العلوي وتمكّنت الغازات من خنقها فارتفعت شهيدة لربها شاهدة على قضيتها، رحمها الله ورحم أختها، وشفى كل المصابين.
ولقد توقفت عند هذه الحادثة المروّعة وحادثة طالبات جامعة حائل الإحدى عشرة التي عصرت قلوبنا وفاتهم في الحادث الأليم ولهن الدعاء بالرحمة ولأهلهن خالص التعازي، ولفتت نظري التعاميم والقرارات التي صدرت بعد الحادثتين منها تأمين إسكان عاجل للطالبات خلال أسبوع ومنها في تبعات حريق جدة جولات للتحقق من وسائل السلامة للدفاع المدني وغير ذلك.. والسؤال الذي يطرح نفسه بكل قوة: أين هذا الاهتمام قبل الكوارث؟
ولماذا تتابع هذه التعاميم والتصريحات العاجلة والجولات بعد الكوارث ثم تختفي شيئاً فشيئاً، أو يختفي أثرها والقضية ليست مرتبطة بجهاز الدفاع المدني فقط، الذي يُقدّم منسوبوه شهداء وتضحيات مقدّرة وان كانت مراجعة برامجه التدريبية وتجهيزاته وتطوير أدائه قضية حيوية بصورة دائمة إضافة إلى الاستحقاق المادي الذي يحفز ويعوّض رجل الدفاع المدني جنباً إلى جنب مع تحفيز مسؤولياته لتحسين الأداء اكبر، لكن القضية الرئيسية أن ارتباط مسؤولية كارثة جدة قائم على عدد من الأجهزة في قطاع التعليم من إدارة التعليم الأهلي وإدارة الصيانة وغيرها من أجهزة الإشراف المباشرة إلى كل هرم الوزارة من تعليم منطقة مكة المكرمة إلى مسؤولي الوزارة الكبار وكل جهة اختصاص «مناطقياً» ومركزياً، وصولاً لخطط الإنقاذ وقبل ذلك مسؤولية الأمانات للترخيص للمباني المدرسية ومخارج الإنقاذ ومن أعطى الترخيص للمستثمر والمستثمر في التعليم الأهلي شخصياً، كل هؤلاء لهم طرف في المسؤولية ولا يجوز أن تحمل المسؤولية لعبث بعض الأطفال في المدرسة المنكوبة، فهذا تبسيط وخرق لقواعد التحقيق الأساسية.
إن هذا الإحباط الذي عاشه ويعيشه أهلنا في جدة والحجاز والوطن بأكمله والألم المزدوج الذي نشعر به عائد بالدرجة الأولى إلى فقدان الثقة بإمكانية قيام تحقيق فعلي ودقيق وسريع ينتهي لإدانة محدّدة للمتسبب كلياً أو جزئياً، ولماذا هذا الإحباط..؟؛ لأنه وبكل وضوح يرتبط بوضعية هذه القضايا على مساحة الوطن خاصة قضية سيول وغرق جدة لعامين التي حتى الآن لم تُقدّم عبرها لائحة اتهام شاملة ونهائية ومحاكمة ذات شفافية لتطبيق أحكام على المتسببين في موت وغرق ومرض مئات الضحايا وانهيار المشاريع، رغم تتابع تعقيبات المليك لكن الشعب لا يزال ينتظر ذلك البيان الاتهامي الشامل والتغطية الإعلامية للمحاكمات لأولئك المسؤولين المتسببين بالفساد الذي يتغلغل في كل كوارث الوطن وإتاحة الفرصة لذوي الحق الخاص بمقاضاتهم ووزاراتهم المسؤولة.
وكل ذلك التراكم للمشاعر المغبونة في قضية جدة أعاد حضوره بين دخان وجثامين الضحايا وكأنه يقول إن المصاب الأول هو الأساس ويتساءل الجميع: هل غرق التحقيق..؟ وبالتالي فَلَتَ المسؤولون من العقاب؟! إنها الأسئلة الرئيسية التي تقود إلى المعالجة بمواجهة الملفات المعلقة وما أكثرها في قضايا الفساد ولا ندري من أين ستبدأ هيئة مكافحة الفساد.. فهل تكاثرت الضباع على خراشٍ ولا يدري خراش ما يصيد، أم أنّ الفساد عاد وتمحور بثوبٍ جديد، وربما صار يصيح بالناس «حي على الفساد» وهو يديره بوسائط وأدوات أُخرى.. إنها الحقيقة الكبرى.. فمتى يُبصر الإصلاح النور ويستشعره الناس في حياتهم اليومية قبل أن يستيقظوا على دورة جديدة لكارثة إنسانية؟!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.