عجبت لأمر الأديب الراحل غازي القصيبي - رحمه الله - حيث لا همّ لديه بعد عمله المناط به في كافة مناصبه التي تقلدها سوى العكوف على القراءة والكتابة ولم يشغل نفسه بأمور أخرى لا تعود عليه بالثقافة والابداع حتى في أحلك الأوقات من حياته يكتب وينظم ويروي ويترجم وقد دفع - قبل وفاته - إلى المطبعة كتاب (المؤمن الصادق.. أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية) للكاتب الأمريكي إيرك هوفر والذي يذكر في مقدمته: ان هذا الكتاب يقتصر اهتمامه أساساً على المرحلة النشطة الدعوية إلى الحركة الجماهيرية وتتميز هذه المرحلة أساساً على سيطرة المؤمن الصادق - الرجل ذي الايمان المتطرف المستعد للتضحية بنفسه في سبيل القضية المقدسة - ويحاول الكتاب تحليل البذور والجذور التي تغذي طبيعة هذا الرجل ويستعين الكتاب في تحليله بفرضية محددة انطلاقاً من الحقيقة التي تقول: ان المحبطين يشكلون غالبية الأتباع الجدد في كل الحركات الجماهيرية وأنهم ينضمون إليها بإرادتهم الحرة. في حين يرى المترجم الدكتور غازي القصيبي: أن هذا الكتاب وجد فيه جواباً شافياً عن سؤال شغلني منذ أن بدأت ظاهرة الإرهاب تشغل العالم وهو: لماذا يصبح الإرهابي إرهابياً؟ ثم ان الكتاب وليد التطرف والكتاب معني بالتطرف جذوره وبذوره والمعادلة التي يعرضها المؤلف بسيطة ومقنعة في الوقت ذاته وهي تبدأ بالعقل المحبط ويرى الإنسان المحبط عيباً في كل ما حوله ومن حوله وينسب كل مشكلاته إلى الفساد ويتوق إلى التخلص من نفسه المحبطة وصهرها في كيان نقي جديد. الكتاب انطوى على ثمانية عشر فصلاً هي: جاذبية الحركات الجماهيرية والأتباع المتوقعون، والعاجزون عن التأقلم، الأنانيون أنانية مفرطة، والطموحون الذين يواجهون فرصاً غير محدددة، والأقليات والملونون، مرتكبو المعاصي ،العمل الجماعي والتضحية بالنفس، وعوامل تشجع على التضحية بالنفس والعوامل التي تشجع العمل الجماعي، والبداية والنهاية، ورجال الكلمة، والمتطرفون، الرجال العمليون، والحركات الجماهيرية النافعة والضارة.