اقترن اسم جورج واشنطنبالولاياتالمتحدةالأمريكية واصبح جزءًا لا يتجزأ من تاريخها فهناك العديد من الشوارع والمباني والجبال والجسور والنصب التذكارية و المدن وحتى الناس تحمل اسم واشنطن. المحير في الأمر أن غالبية من حملوا اسم جورج واشنطن هم من الأمريكيين الأفارقة (السود). فقد أظهر إحصاء عام 2000 في الولاياتالمتحدة أن هنالك 163,036 شخصاً يحملون اسم واشنطن وأن 90 بالمائة منهم من الأمريكيين الأفارقة وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة اي اسم مشترك آخر للسود في أمريكا. ولكن كيف اصبح السواد الاعظم من الناس يحمل هذا الاسم؟ الإجابة ببساطة هي أن هذا الاسم بدأ مع حركة الرق في البلاد وأخذ منعطفاً حاداً بعد الحرب الأهلية عندما سمح لجميع السود باتخاذ كنية واسم عائلة بعد سنين من العبودية والرق. وحتى قبل التحرير ، اختار العديد من السود المستعبدين ألقابهم الخاصة لتحديد هوياتهم. بعد ذلك ، كما يقول بعض المؤرخين ، اختار عدد كبير من السود اسم واشنطن لتأكيد حريتهم وانعتاقهم من ربقة العبودية والاستعباد. ويبقى جورج واشنطن صاحب الاسم المولود قبل 279 سنة (11 فبراير 1731) الذي ارتبط اسمه بالعلاقة المعقدة بين الرق وشخصه. فقد ورث جورج واشنطن ارضا وعشرة فقط من العبيد من والده وحصل على المزيد من كليهما مع تقدمه في السن ولكن مع مرور الوقت وإدراكه لتناقض العبودية مع مبدأ الحريات في الدولة الجديدة، اصبح واشنطن المعارض الأول لعبودية الإنسان. ومع ذلك ، كما يقول رون شيرنو مؤلف السيرة الذاتية الجديدة لجورج واشنطن ، كان العبيد أساس ثروة الأخير. ووفقاً لمعايير تلك الأيام لم يكن جورج واشنطن من ملاك العبيد القساة الغلاظ القلوب بل كان يقر زواج العبيد من بعضهم البعض وكان يرفض بيع افراد العائلات السوداء ولكنه لم يكن يتورع عن تسخير عبيده وحملهم على العمل ليل نهار. وكان واشنطن ينقل عبيده بين مكان اقامته في فيلادلفيا ومزرعته في ولاية بنسلفانيا للتهرب من القانون الذي يكفل لأي عبد يقيم في ولاية بنسلفانيا لمدة ستة أشهر الحرية. بوكر واشنطن أشهر أسود حمل اسم واشنطن الأبيض ويقول شيرنو ان واشنطن كان يعاني من انفصام الشخصية فهو من الناحية النظرية وعلى الورق يعارض العبودية لكنه كان لا يتورع عن اتباع كافة السبل من أجل استرداد عبيده الفارين. غير أنه في السنوات الأخيرة من حياته في مزرعة له في ماونت فيرنون كان يقول انه لا بد من استئصال الرق حتى يصمد الاتحاد في وجه العاصفة. وتبع قوله هذا بأن أمر في وصيته بالافراج عن 124 من عبيده بعد وفاة زوجته. ولم يكتف بذلك بل اوصى بتعليم الشبان السود أو تدريبهم على حرفة ورصد مبلغاً من المال لرعاية المرضى والمسنين منهم. ولم يكن واشنطن الرئيس الأمريكي الوحيد الذي يملك عبيداً فقد كان اثنا عشر من الرؤساء الأميركيين من ملاك العبيد غير أن واشنطن كان الوحيد من بينهم الذي اعتق كافة عبيده. ويقول المؤرخ هنري فينسيك، مؤلف كتاب عن جورج واشنطن أن بعض العبيد اختاروا اسماء لها دلالات في مجتمعهم والتي يمكن أن تكون مزرعة المالك الحالي أو الأخير. ويضيف فينسيك بان بعض الاسماء توفر بعض المزايا وبعضها وفر لهم الحماية بعد الحرب الأهلية. وقد استخدم السود في بعض الاحيان اسم سيد اجدادهم كنوع من رد الجميل أو للحفاظ على هويتهم. وبعض الاسماء يمكن أن تأتي من فراغ. فعلى سبيل المثال كان العبد السابق الشهير بوكر تي واشنطن صبياً عندما هبت رياح حركة تحرير العبيد على مزارع فرجينيا. وكان بوكر ينادى فقط باسمه الأول "بوكر" حتى حان وقت الالتحاق بالمدرسة. وكتب بوكر في سيرته الذاتية" النهوض من الاستعباد " يقول " عندما سألتني المعلمة عن اسمي بالكامل قلت لها بهدوء بوكر واشنطن ". وقال بوكر انه لا يدري لماذا خطر في باله في تلك اللحظة اسم واشنطن. ولكن كان لجورج واشنطن ، الذي توفي عن 60 عاماً فقط، شهرة كبيرة واحترام كبير في ذلك الوقت. وقد نشرت وصيته على نطاق واسع في شكل كتيب ومن المعروف جيداً أنه اعتق كافة عبيده. هل استلهم المستعبدون مواقفهم من جورج واشنطن؟ وهل اتخذوا اسمه تكريماً له أم اتخذوه دليلاً على تفانيهم في حب بلادهم؟ لا أحد يدري ولكن الصلة قوية جداً ولا يمكن لأحد تجاهلها.