أجمع عدد من المختصين على ضرورة تحديث نظام الأوسمة و»ميداليات التكريم» في المملكة، مؤكدين على أن ذلك يندرج في نطاق اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- في تطوير عدد من الأنظمة وتحديثها، بما يتناسب مع تطورات العصر ومستجداته، فيما أشار عدد منهم إلى أن التحديث والتطوير يتيح استحداث أوسمة أو ميداليات موازية تسهم في تحقيق أهداف سامية، سواء في مجال التكريم أو مجال التطوع أو مجال الاعمال الخيرية. وأكدوا على أنّ المبدع والمبتكر والمساهم في خدمة مجتمعه لم ينل هذا اللقب ولم يوصف بذاك إلاّ بعد قائمة من التضحيات أبرزها الوقت والجهد والمال؛ لذلك كان أقل ما يقدم لذلك المواطن الإيجابي هو أن يشعر بمكانته وقيمته مع تقديم الدعم المادي والنفسي له، مشيرين إلى أن الأوسمة تقدير معنوي له أثر بالغ يتعدى مزاياه المالية الممنوجة، مما يدفع «المبدع أو المبتكر أو المتطوع» إلى بذل قصارى جهده للبحث عن سبيل لنيل الشرف العظيم والذي بالتالي يعود إلى تنمية الوطن ويدفع آخرين ليحذو حذوهم وفي كل هذا رفعة لشأن أبناء الوطن. أهمية التحديث بداية أوضح «أحمد بن ظافر القرني» -رئيس قسم هندسة الطيران والفضاء بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والحائز على وسام الملك عبدالعزيز- أنّ الحاجة ملحة إلى تحديث نظام الأوسمة في المملكة، حيث نجد أن آخر تحديث لهذا النظام منذ 35 عاماً، وهنا تبرز درجة أهمية تحديث هذا النظام ليشتمل على مجالات أخرى تسهم وتخدم البلد، مشيراً إلى أنّ هذه الفكرة مباركة وذات هدف سام يدعمنا ويدعم ترابطنا في هذه الدولة المباركة. تقدير المجهودات وأكد «د.زين بن حسن يماني» -مدير مركز التميز البحثي لتقنية النانو بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والحائز على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى وله ثلاث براءات اختراع مسجلة بالولايات المتحدةالأمريكية- على أهمية مواكبة الحراك العالمي تجاه التطور المشهود والانفتاح المشترك بين دول العالم في مجالات عديدة، مشيراً إلى أن الأوسمة هي أحد الطرق التي من خلالها تقيّم مجهودات أبناء هذا الوطن، وذلك بعد دراسة الأنظمة الحالية قبل الحكم عليها بالحاجة للتحديث أو خلافه. مواكبة التطور وأشار «فائز بن عيضه المالكي» -طالب دراسات عليا بجامعة الإمام- إلى أنّ التحديث مفردة يتفرع منها معانٍ كثيرة، تأتي كلها في سياق البحث عن زيادة التمدن والنمو، ومواكبة التطور، ومسايرة الجهود الحثيثة الطامحة لبلوغ ذرا المجد، وهذا ما أحسبه ديدن كل الأنظمة التي من شأنها الأخذ بيد الوطن أولاً ثم المواطن نحو الازدهار المرجو، والحضارة بشتى مجالاتها، والتقدم بكل أنواعه. انتشار الوعي وأوضحت «رويده صديقي» -مستشارة قانونية في لجنة إصلاح ذات البين في مكةالمكرمة- أن الحاجة إلى تحديث نظام مضى عليه وقت طويل من الزمن ضروري؛ لمواكبة مستجدات العصر، خاصة بعد انتشار الوعي لدى المواطنين وحاجتهم إلى التشجيع للحصول على أفضل ما لديهم ودفعهم للمزيد من العطاء، فاقتصار الأوسمة الستة على كبار الموظفين دون العامة قد يدفعهم إلى التقاعس واليأس من نيل التكريم، خاصة أن طبيعتنا البشرية التي جبلت على حب المديح والشكر. نحتاج إلى لائحة جديدة وفق «معايير عالمية» للترشيح والتقييم تراعي التخصص ومستوى الإنجاز تنوع الأوسمة وأشار «د.القرني» إلى أنه يجري حالياً إعداد نظام بمسمى وسام خادم الحرمين الشريفين للمبتكرين والمخترعين تعمل عليه وزارة التعليم العالي ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهو على وشك الانتهاء وسيعلن عنه قريباً، مضيفاً أن نظام الأوسمة أو ميداليات الانجازات لا بد أن يأتي بما يدعم الدولة وعلاقتها مع المواطنين وابتكاراتهم وابداعاتهم حتى يتنافسون في الخير، ويعلمون أن هناك نظام للجميع ويتيح الفرصة والفوز به والطموح إليه لكل أفراد المجتمع. د.زين يماني أوسمة متنوعة وشدد «د.يماني» على أنّ هناك حاجة لاستحداث أوسمة في مختلف المجالات، مثل أوسمة متعلقة بالمجالات الاجتماعية مثل خدمة المجتمع، والذوق في قيادة المركبات المرورية، و في الإسعاف، بالإضافة إلى أوسمة في نشر الثقافة العلميّة والتقنيّة في المجتمع وفي الأوساط الإعلامية، مؤكداً على أنّ الحكمة ضالة المؤمن، في إشارة إلى إمكانية الاستفادة من الأنظمة والأعراف الدولية في هذا المجال. ويشاركه الرأي «د.القرني»، مشيراً إلى أن نظام المرور ينبغي أن يشمل على التحفيز، فمثلاً من يقود السيارة لمدة ثلاثين عاماً ولم يسجل عليه مخالفة لماذا لا يعط وساماً رفيعاً، وهناك اشياء كثيرة مثل الأعمال البطولية التي يقوم بها رجال الأمن البواسل ضد الفئة الضالة (الارهاب) لماذا لا يكون لها أوسمة وميداليات خاصة؟. دافع قوي وأكد «د.يماني» على أهمية تقييم المجهودات المبذولة وتكريمها لكي تكون دافعاً قوياً في دفع عجلة التقدم والازدهار على مستوى وطننا الحبيب، وكذلك لما تشهد المملكة من انفتاح هائل في مجالات عدة تطورات اجتماعية وثقافية مذهلة، مما يسهم في تطوير برامج التكريم (من أوسمة و غيرها) ودفع هذه التطورات في مختلف جوانبها، كما أننا نكسب قصب السبق والجودة العالية، داعياً إلى أن خلق «طقس تنافسي بديع» سيسلط لمعان بروقه حول وجوه تستحق الفوز والوفاء بجدارة، وتتزايد الأهمية لترتقي نحو الإلحاح في بلاد كبلادنا الغالية التي تضج مرافقها المدنية والعسكرية على حدٍ سواء بكوكبة من الأنقياء تقنياً ومعرفياً وثقافياً ووظيفياً يستحقون الالتفات والمكافأة. فائز المالكي فروع جديدة وأضاف: ومن هنا كان لزاماً على القائمين على هذا النظام البحث عن فروع جديدة يأتي في قمتها الإبداع بكل فروعه ومساراته، وفتح قنوات الاستحقاق لكل مجتهد يضيف للوطن قيمة حضارية تساهم في رقيه ورفعته. وتشير «رويدا صدقي» إلى أنه يجب استحداث مثل هذه الأوسمة والميداليات لأهميتها في التحفيز، حيث إن لمثل هذه الأعمال والإنتاجات التي تساهم في تطور ورقي الدولة ووصولها إلى مصاف الدول المتقدمة، خاصة مع تواجد من يستحقون التكريم تباعاً لتوجه فئة كبيرة إلى العلم والتنمية. استحقاق التكريم وأشار «د.القرني» إلى أن أهم شيء هو معرفة الجميع أن تكريم الدولة لأي مواطن يفوز بالوسام أو الميدالية إذا حقق إنجازاً معيناً أو براءة معينة أو اختراعاً معياًن يأتي استحقاقاً، ويكون هناك نظام شمولي أو تفصيلي للأوسمة مثلاً للابداعات أو للاختراعات خلال لجان تشكل بحيث لا يكون مقتصراً على اساتذة الجامعات، مشيراً إلى أن الاعمال الخيرية المؤسساتية في الغرب تنافس الهيئات والمؤسسات الاقتصادية مثل التبرعات والأعمال الخيرية والتطوعية. جوائز عصرية وتساءل «المالكي» عن المانع في قيام هذه الأوسمة والميداليات مقام الجوائز التقديرية التي تقدمها الدولة، أو تسير محاثيةً لها، أو سن جوائز عصرية بأسماء جديدة، مثل: (الإشادة) أو(العبقرية العلمية)، أو(التوهج الفكري)، بل ما المانع من تقسيم فروعها لتطول الأفراد من جهة، والجهات والإدارات من جهة أخرى، فالكل يستحق، وشكر الناس معلق بشكر الله في النهاية، والمصلحة الوطنية تبقى نبراساً فوق الكل. مختلف المستويات وأشار « الدكتور يماني» إلى أن الأفكار حول الآليات التي نطمح لها في مجال التكريم بالميداليات أو الأوسمه كثيرة، ومنها أن تكون على مختلف المستويات، وليس فقط على المستويات العليا، وأن نركز على الجانب المعنوي للأوسمة، وإن كنّا لا نهمل الجانب «المادي» للتكريم، إن وجد، وكذلك أن تلعب الجمعيات العلمية والاجتماعية دورها في الترشيح والتقييم للمستحقين، كما يمكن الاستفادة من أساليب ومعايير الدول الأكثر تقدما حضارياً، مع الإلتفات إلى خصوصياتنا مع أهمية عدم حصر جميع الأوسمة على مواطنينا، بل يحسن أن يكون بعضها مفازاً لمن يستأهلها من المقيمين والزائرين كذلك (حسب المناسبة). د.أحمد القرني أهمية التجارب واقترح «المالكي» في هذا الصدد منح مثل هذه الأوسمة والميداليات لرجال الأمن الأوفياء، والمعلمين الراسخين في تخصصاتهم، والأطباء الذين صادقوا مرضاهم، والمسؤولين الذين تمرسوا وعركتهم التجارب فبقوا على العهد والوعد، والقضاة الحامين بالقسط، ورجال الأعمال الذين جعلوا من الأعمال الخيرية سلوكاً لهم، والصحفيين الذين يتمتعون بالمصداقية في نقل المعلومة. تكريم المستحق ودعت «رويدا صدقي» الهيئات والمؤسسات الرسمية إلى تقديم أسماء الأشخاص الذين ترى أنهم يستحقون التكريم إلى الجهة المختصة بالأوسمة، ثم تتولى لجنة الفحص التكريم الذي يُعطى مقابل الخدمات الجليلة المقدمة، وكل تكريم خاضع لتقييم من جهة مختصة تحقق في استحقاق أحدهم إلى هذا التكريم، وكأن يبذل المستحق جهداً إضافياً أو خدمة كبيرة خارج حدود واجباته، أو يكون سبباً لرفع اسم دولته وما إلى ذلك، مشيرةً إلى أن الميداليات رمز رسمي للتقدير السامي الذي تكنه الدولة لمواطنيها الذين اكتسبوا اعتراف الجميع بأنهم قاموا بأعمال تتسم بالشجاعة، أو لخدمتهم الطويلة للبلاد أو لأعمالهم القيّمة.