شعور غريب ينتاب الإنسان في مثل هذه الأوقات ، شعور يجسد التلاحم القوي والمتين بين حكام هذا البلد ، وأبنائه ، فهم لا ينظرون إليهم كحكام ورؤساء دولة ، بل يشعرون أنهم أسرة واحدة ، الحاكم هو الأب والشعب هم بقية الأولاد ، لذا يمر بك شعور عاطفي في حالة تعرض أحدهم لمكروه - لا قدر الله - لا تشعر به إلا مع أسرتك وبين أهلك ، وهذا أحساس غالبية مواطني هذا البلد والمقيمين فيه ، وهذا يدل على خيرية أئمتنا وقربهم إلى قلوبنا ، مصداقا لما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خير أئمتك الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلون عليهم ويصلون عليكم ) ، ومن هذا الشعور الغريب الذي ينتاب المرء الحنين إلى رؤية خادم الحرمين في فترة غيابه ، حتى الطفل تجد أنه يتلهف إلى رؤية ، لقد عاد خادم الحرمين الشريفين وقد عوفي من وعكته - إن شاء الله - عاد والقلوب متلهفة إلى النظر إليه ، حتى أنك لتجد نفسك تتطلع إلى رؤيته عند نزوله من الطائرة من بين تلك الجموع التي وفدت للسلام عليه . إن هذا الشعور الداخلي فينا ليس شعورا متصنعاً ومتكلفاً، بل هو الحب الصادق والألفة التي جعلها الله في قلوبنا لهم ، إنه دليل محبة من الله - إن شاء الله - وفي صحيح مسلم : ( إن الله إذا أحب عبدا قال: ياجبريل إني أحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء. يوضع له القبول في الأرض ) . إن أسرتنا الواحدة هذه لابد أن تبقى متلاحمة مجتمعة على الحب والوئام ، متصفة بالصدق والوفاء ، لا أن يكون هم أحدنا ماذا قدم له مميزات ، أو أخذ من أعطيات ، فيحب على قدر ما أعطي ، ويبغض على قدر ما منع ، فإن ذلك من علامات النفاق ، ففي الحديث المتفق عليه ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم .... ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدينا ، فإن أعطاه منها وفى ، وإن لم يعطه منها ، لم يف) . *محاضر بجامعة الحدود الشمالية