هم قلة من حازوا محاسن الأخلاق والفضائل، ولأهل الدثور مزيد فضل حين يسابقون غيرهم في الخيرات، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن هؤلاء فقيدنا الشيخ صالح بن عبدالعزيز الراجحي الذي أكرمه الله بمزايا وخصال نبيلة، فهذا الرجل الذي يعد من أوائل من أسس العمل المصرفي في بلادنا المباركة، كنت تراه مبتهجاً فرحاً بمشاركة الفقير والمسكين وابن السبيل له مائدته، فلم يكن تواضعاً متصنعاً، وإنما حسن خلق، وشكر لله على فضله ونعمته، وفي البذل والعطاء لم يكن فقيدنا رحمه الله مقتصراً في صدقته على الزكاة، بل أنفق بغير حساب، وطرق أبواب الإنفاق كلها مؤمناً بأنه ليس له من ماله إلا ما تصدق به فأمضاه ليربو عند الله، وواثقا بأن الصدقة تزيد المال لا تنقصه شيئاً، وكما هي ثروته من حسن الخلق والتواضع والإنفاق في وجوه الخير تضاهي ثروته المالية، فكذلك كانت تعاملاته التجارية أنموذجاً للتاجر الصادق الوفي، وكل من تعامل مع الشيخ صالح الرجحي بيعا وشراء أثنى على تعامله وأبلغ في الثناء، فكانت كلمته رحمه الله في بيعه وشرائه أبلغ من العقود والصكوك. وحين يتنافس التجار في مواسم الطاعات لمضاعفة تجارتهم كان فقيدنا ينافس العباد في صلاواتهم وابتهالاتهم لله عز وجل، ولم يكن رحمه الله يشغله إذا سمع نداء الصلاة إلا إجابة النداء، وأمر من حوله بالصلاة، وكان مصحفه رفيقه في كل مكان، وليس ما ذكرت إلا لمحات من بحر فضائله التي جعلته محبوباً في حياته، مشهوداً له بالخير، وعقب حياته المليئة بالبذل والعطاء ابتلي رحمه الله بسنوات من المرض ترفع الصابرين لمنازل لم تكن لتبلغها أعمالهم، وتوفي رحمه الله يوم السبت الموافق 9/3/1432ه وتوافد للصلاة عليه محبوه من جميع مناطق المملكة، وضاق قصره بالمعزين، فرحمك الله يا أبا عبدالرحمن وأعلى منزلتك في جنات النعيم، وجبر مصاب أهلك وأحبابك إنه جواد كريم. * محامي