الوطنية قيمة ترتكز عليها سلوكيات الانسان تجاه وطنه ...،المشكلة ليست في ذلك بل في عمق ادراك الانسان لتلك العلاقة...,فالبعض يعتقد انه من الوطنية ان يصل لأفضل المراكز دون الاخذ في الاعتبار ماذا يقدم للوطن... كلما كبر حجم المواطن فإن توقعاتك من ممارساته الوطنية تكبر فالطالب وطنيته تقف عند حد المذاكرة واحترام معلمه والكرسي الخشبي الذي يجلس عليه وعدم تكسير مقتنيات مدرسته مثل الملعب او المكتبة ان وجدا... اما المواطن الاكبر ولنفرض الوزير فإننا سنتوقع منه ان يجلس اقل الاوقات على كرسيه رغم نعومته ...لانه مطالب بمتابعة انجازات وزارته على ارض الواقع وليس في التقارير التي ترفع له ولايعنيها الدقة والصدق دائما بل إرضاؤه والبحث عن ابتسامته ورضاه اهم من العمل نفسه فابتسامته قد تفوق الشهادات العلمية ضمن مسوغات الترقيه...! وطنية الطالب ترتكز في جلوسه كثيرا على كرسيه الخشبي والوزير وطنيته تكون في عدم استرخائه على كرسيه رغم رقته لان الكثير ترتفع توقعاتهم منه بحجم قدرته على التخلص من نعومة الكرسي بما في ذلك تلك التقارير المضللة في الكثير منها... الوطنية كقيمة هل نشربها مع حليب امهاتنا فقط ام انها تتكون من خلال مجموعة من الممارسات التي تربي فينا الوطنية كقيمة توجّه سلوكنا... وتجعلنا نضع الوطن بين اعيننا مقاومين الاغراءات مهما ارتفع سقف تأثيرها...؟؟ الامر يفتح العديد من الاسئلة ...,غرس الوطنية كنبتة منتجة عملا وليس شعارات نردده في المناسبات ...,الوطنية ليست أعلاما ترفرف ولااغنية نتمايل معها ولا اشعارا نتسابق في حفظها...بل هي سلوكيات تجعل الانسان يرفض الرشوة وإن كان راتبه لايكفيه... ، وتجعله يرفض التقرير دون الاطلاع على ارض الواقع والتحقق من صحة المعلومات...قبل استلام المشروع ... بالمناسبة كم مرة وانت طالب ايها الشاب ذهبت مع مدرستك للمتحف الوطني ، وكم مرة اخذتك مدرستك لرحلة في مواقع جغرافية لتعرفها عن قرب وليس مجرد كلمات تنتهي بانتهاء الامتحان...؟! وللفتيات كم مرة ذهبت لبرنامج تطوعي يؤكد لك ان الوطن ليس سوقا نتسوق منه وليس مطعما يملأ بطوننا الى حد التخمة... تبقى الوطنية سلوكاً نمارسه فوق ميزان العدالة وعبر مسارات العطاء المتبادل بين الانسان وتراب وطنه ... الوطنية قيمة تغرسها مؤسسات التعليم وتثبتها بقية المؤسسات الاخرى ...,من خلال عدالة القانون والعدالة الاجتماعية ...,بحيث يجد الشاب مسكنا مناسبا له ولزوجته واطفاله...,أن تجد المرأة من يحميها من جور الظالمين..,أن يجد المريض سريرا يحتوي ألمه..,وأن يجد الشاب عملا يحافظ من خلاله على كرامته..,وتجد الفتاة عملا يحميها من شر العوز...,وتجد الاسرة فيها احتياجاتها الاساسية كما تجد برامج الترفيه حيث أرادت دون عناء او تكاليف مبالغ فيها... الوطنية قيمة نغرسها اليوم ونحصد ثمارها كل يوم...