وتوالت المقدمات إلى ما حدث في 25 يناير ففي مطلع ديسمبر 2007 تم اعتصام العاملين من الرجال والنساء في مصلحة الضرائب العقارية، والذي استمر احد عشر يوما وانتهى في 13 ديسمبر بتسليم الحكومة بمطالب المعتصمين. وانتقل الشباب والشابات إلى العالم الإلكتروني حيث امتلأت المدونات وتويتر بالكثير من الصفحات والتعليقات التي شكلت حركة إعلامية وحقوقية ثم انتقل إلى الفيسبوك باعتباره العالم الأرحب، وواكب هذه الفترة تأسيس "الجبهة الديمقراطية" لأسامة الغزالي حرب كماسبق أن تأسس حزب الغد عام 2004 إلا أنهما لم يفعلا بالشارع المصري مثلما ستفعل حركتا 6 إبريل ثم حركة 25 يناير. ومن خلال الفيسبوك تم تنظيم إضراب العمال يوم 6 إبريل 2008 لصالح عمال مصانع الغزل والنسيج في المحلة حيث أنشئت حركة 6 إبريل من قبل أحمد ماهر وإسراء عبد الفتاح. ورغم انتشار صور فيديوهات التعذيب في أقسام وسجون الشرطة المصرية في المواقع الألكترونية منتديات أو مدونات أو المواقع الاجتماعية مثل تويتر والفيسبوك كما تناقلتها الجوالات في العالم العربي غير أن الأمر بقي خارج دوائر الإعلام الرسمي ثم تولت المنظمات والمؤسسات الحقوقية محلية ودولية مسألة المطالبة بوضع حد لإهانة كرامة الإنسان. إلا أنه تعاظم الغضب بين أوساط الشباب في مصر وفي العالم العربي أيضاً حول واقعة قتل الشاب خالد سعيد على يد ضابط مباحث أمن الدولة في أحد أقسام الشرطة بالإسكندرية في 11 يونيو 2010. تشكلت إثر هذا الحدث صفحة "كلنا خالد سعيد" انضم إليها ما يقارب ال 400 ألف مشترك من مصر ومن خارجها دعت إلى احتجاج ضد الشرطة في عيدها يوم 25 يناير.. هذه الآلاف وسواها الكثير حتى وصلت إلى الملايين في كل أنحاء مصر خرجت طوال الأيام منذ 25 يناير حتى 12 فبراير لتحقق مطلبها الذي اختصر في لافتة بسيطة "هوه يمشي.. مش هنمشي". وبرغم أن ما علا فيه من لافتات حملت الكثير من العبارات الصريحة المطالبة برحيل النظام ثم تطور الأمر بعد أن غطى تعليق عريضة المطالب إحدى العمارات يوم 2 فبراير إلى عمليات إطلاق الرصاص من قناصة وهجوم مسلح ورمي قنابل ودهس بالسيارات المصفحة لجموع المتظاهرين إلى مطالبة بمحاكمة النظام. إلا أنه انتشر سريعاً بعدها غير البيانات والتصريحات لافتات متعددة بعضها مباشر والآخر ساخر غير أن أحد شباب المعتصمين التقط بعض الشعارات ليعيد صياغتها لحنياً لعل أشهرها لازمة "هوه يمشي.. مش هنمشي". ولكن مع توالي أيام الغضب (الجمعة 28 يناير والأحد 30 يناير) والخلاص (الجمعة 4 فبراير) والرحيل (الجمعة 11 فبراير), وتحقق نهاية النظام السياسي القائم, إلا أن مرحلة تحقيق فعالية الثورة تتطلب الكثير ولم يهمل الشباب ذلك فبدأوا بأنفسهم عبر تنظيم جماعات تلملم المخيمات المنصوبة في الميدان ثم تنظيفه وإنشاء لجان شبابية للتشاور ووضع مقترحات المستقبل القادم بعضها سيتحول لاحقاً إلى مؤسسات اجتماعية وأخرى سياسية وربما إعلامية واقتصادية. وبدا يطل عبر المشهد صوت أنغام في أغنية "يناير" –وضع كلماتها الشاعر: إسلام حامد، وألحانها: إيهاب عبدالواحد، وأنجز التوزيع والتنفيذ: حسن الشافعي.. لحن هامس مرسل الإيقاع. تغنيه أنغام بربع صوتها كالعادة. لكنه محمل بالألم بالوجع. "كنت فاكرة الأرض ثابتة والسنين متكررين كنت فاكرة الجنة أبعد من أيادي الطيبين كنت بضحك قد ما أقدر كنت شايفة الصورة أصغر بعنيا الضيقين فجأة هز الدنيا صوتكو والحياة رجعت بموتكو والسنة اتسمّت يناير شلتوا عن عنيا الستاير وانكشف ع الجميع درس من قلب الميدان للي خاين من زمان عدوا ترتيب المكان واحنا ليكو مديونيين..".. كأنما هي رسالة الكثير من شباب ثورة 25 يناير حيث سيتذكرون هؤلاء الشهداء الذين قضوا من شباب وفتيات لأجل غد فتي. تحية إلى شباب مصر.. تحية إلى شباب العالم العربي..