تجمع في العاصمة الرياض كوكبة من الخبراء السعوديين والخليجيين في الإرشاد الأسري لبحث أبرز المشاكل النفسية والعائلية التي تواجه المجتمع العربي والخليجي في الوقت الراهن نتيجة الاحتجاجات والأزمات التي اندلعت في كثير من الدول المجاورة وألقت بظلالها على حياة الناس، وتعد الدورة الأولى من نوعها التي تستشرف آفاق تطوير مهارات المرشد الأسري بمشاركة الدكتور طارق الحبيب الاستشاري والطبيب النفسي والدكتور محمود القشعان عميد كلية المجتمع في جامعة الكويت، والدكتور علوي عطرجي الاستشاري في الشؤون الأسرية، وبإشراف مباشر من المؤسسة العامة للتدريب المهني. وتهدف الدورة التي تنطلق يوم السبت 23 ربيع الأول الجاري الموافق 26 فبراير وتستمر لمدة عشرة ايام بتنظيم ازدهار للتدريب ومشاركة الرجال والسيدات لتطوير مهارات كل من لديه إهتمام بالإرشاد الأسري ومساعدة المجتمع في تجاوز العقبات التي تعيق تحقيق الوئام والتوافق داخل الأسرة. ويقول الدكتور علوي عطرجي أننا نعلم أن الحياة العصرية ورتمها المتسارع على جميع الاصعدة له إنعكاسات على حياتنا الإجتماعية وساهمت بشكل كبير في زعزعة الإستقرار الأسري وظهرت الكثير من المشاكل الأسرية على السطح وزادت معدلات الطلاق، والشتات الأسري مما يعكس مشاكل نفسية وإجتماعية تؤدي إلى ظهور سلوكيات غير منضبطة تساهم في محاولات الهروب من الذات إلى أشكال العنف السلوكي المختلفة. ومن الأهداف المهمة للدورة مساعدة كل من يرغب بالمساهمة في عملية الإرشاد الأسري لفهم الخطوات العلمية والعملية في عملية الإرشاد ومدهم بأحدث التقنيات للقيام بعملية الإرشاد وفق معايير علمية حديثة. د. طارق الحبيب وأكد عطرجي ان المتدرب سيحصل على شهادة معتمدة من المؤسسة، وشهادة دولية من National Council Of Family Therapy بعدد نقاط لكل عشر ساعات محسوبة تؤهل المتدرب ليتقدم للاعتماد العالمي كمرشد أسري، إضافة إلى شهادة حضور من هيئة التخصصات الصحية وشهادة من البورد الأميركي مشيراً الى ان الإرشاد الأسري يعد من التخصصات الدقيقة، حيث أخذ اهتماماً كبيراً على مستوى العالم، منذ النصف الثاني من القرن العشرين، حيث يرتبط بأكثر من تخصص علمي، إذ يهتم به المتخصصون في الخدمة الاجتماعية والطب النفسي وعلم النفس، ولعل هذا ما ساهم في تسريع حركة تطوره كشكل من أشكال التوجيه والإرشاد مضيفاً أن تطورات الحياة ساهمت مع الكوارث الطبيعية وكثافة السكان في إحداث تعقيدات متسارعة، ثم في زعزعت الأسرة بشكل أو بآخر، حتى اتسمت أسر العصر الحديث بالتفكك مقارنة بالعصور الماضية، مما أحدث مشكلات لم تكن تعرف عند المجتمعات القديمة، كما تفشت مشكلات نفسية واجتماعية حاولت بعض المجتمعات المحافظة إخفاءها أو التقليل من خطورتها. د. علوي عطرجي وأكد أن المشكلات الأسرية جعل الحاجة ماسة إلى الشجاعة في الاعتراف بالواقع ومواجهته، وبرهنت على الضرورة الملحة إلى مراكز وخدمات الإرشاد الأسري، حيث إن الأسرة هي نواة المجتمع الأولى، وهي البوتقة التي ينشأ ويتربى فيها أفراد المجتمع وقادته، فإذا لم تمنح هذه النواة الرعاية والاهتمام اللازم فكيف سيكون مصير جيل المستقبل من أبناء وبنات المجتمع؟ وتناقش الدورة (3) محاور عن الإرشاد الأسري ومفهومه وأهميته للمجتمع، ويستعرض خلالها الخبراء كيفية التغلب على بعض الصعوبات التي تعترض سبيل الفرد أو الجماعة وتفوق توافقهم وإنتاجيتهم، حيث توجه خدمات الإرشاد النفسي إلى الأفراد والجماعات الذين ما زالوا قائمين في المجال غير السوي ولكنهم مع ذلك يواجهون مشكلات لها صبغة انفعالية حادة، أو تتصف بدرجة من التعقيد والشدة عند مواجهة هذه المشكلات بدون عون أو مساعدة من الخارج، مثلما يحدث للأطفال الذين يتعرضون للعنف والإساءة. يذكر أن الإرشاد النفسي والأسري نشأ في أحضان حركة التوجيه المهني والتربية المهنية، وعلى الأصح فقد نشأن من التقاء هذه الحركة مع تيارات وحركات أخرى متمثلة في العلاج النفسي والخدمة النفسية، وشيئا فشيئا اكتشف المعالجون والمرشدون على السواء في ممارستهم أن الأسرة عنصر أساسي في كل المشكلات السلوكية والاضطرابات النفسية، حتى في المشكلات والاضطرابات التي يكون لها أساس عضوي واضح، وكذلك فإنه فيما يتعلق بالأطفال المعوقين، فإن استجابة الأسرة للإعاقة ومدى تقبلها يكون له تأثير كبير جدًا على الطفل المعوق يفوق التأثير السلبي الذي تحدثه الإعاقة. وبالتالي فلم يجد المعالجون والمرشدون بُدًا من التفاعل مع الأسرة على نحو أكثر كثافة وعمقًا من حيث التشخيص وفهم الاضطراب ومن حيث رسم خطة العلاج أو الإرشاد. واختتم بقوله ان الدورة تركز على الجمع بين الجانب الاكاديمي والعملي في إختيار المدربين وبين علم النفس والإجتماع وتقديمها من قبل المتخصصين في كل مجال واصحاب الخبرة في المجتمع.