في الأسبوع الماضي تساءلت في هذة الزاوية عن غياب المراسل العربي عن تغطية أحداث مصر، وهل هو بسبب الخوف على نفسه من اي اعتداء والذي يتعارض مع مواصفات المراسل المتمكن والذي يعرف جيداً أنه سيواجه المتاعب بل إنه يتلذذ بها. في المقابل لم يغب المراسل الأجنبي عن نقل الأحداث لمحطاته ولكن يبدو في المقابل أن الثمن كان باهظاً حيث أعلنت محطة التلفزيون الأميركية «سي بي إس» أن إحدى أبرز مراسلاتها في الخارج وهي لارا لوغان، واحدة من مراسلي الحروب الأكثر شهرة في الولاياتالمتحدة بعد تغطيتها الحرب في العراق وافغانستان. وهي كبيرة المراسلين الإقليميين لمحطة سي بي اس منذ العام 2006؛ تعرضت لاعتداء جنسي «وحشي» في مصر خلال تغطيتها للأحداث رغم أنها «كانت مع فريقها وحراسها الأمنيين محاطين بعناصر خطيرة خلال الاحتفالات» التي أعقبت رحيل الرئيس المصري. وأضاف البيان «كانوا عصابة من أكثر من 200 شخص بحالة هستيرية» حيث قاموا بعزل لارا لوغان عن فريقها وقد تعرضت لاعتداء جنسي وحشي وللضرب قبل أن تنقذها مجموعة من النساء وحوالى 20 جندياً مصرياً». من المؤسف أن يكون الجزاء بهذا الشكل ومن المستغرب أن يقع الاعتداء من قبل كل هذا العدد وأمام ملايين الناس وفي ميدان عام كميدان التحرير إلا إن كان مفهوم الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له المراسلة خلاف تفسيرنا لمفهوم الاعتداء. الصحفية عادت للولايات المتحدةالأمريكية وهي تتعافي في أحد المستشفيات ولم تذكر أنها سترفع دعوى على أحد ولكنها ولاشك ستؤلف كتاباً عن الاحتفال الوحشي وستمسح بكتابها أي إنجازات حققها الشباب في ميدان التحرير والذي قال عنه الرئيس أوباما إنه يستحق أن يدرس للطلاب في أمريكا. ما حدث في القاهرة يتنافي كلياً مع الشكل العام لتظاهرات الشباب التي وصفت بالرقي خاصة بعد أن قاموا بتنظيف كل ما تركوه من مخلفات في الميدان بعد أن تحقق ما يريدون وهو الأمر الذي وصفته العديد من وكالات الأنباء الإعلامية بالرقي. الغريب أن هذا الاعتداء لم يرد على الشريط الأحمر لأي قناة عربية رغم أنهم اعتبروا أن أي ملاسنة بين جمهور المتظاهرين وبين أي مراسل لهم اعتداء يوجب كلمة عاجل. أعود إلى غياب المراسل العربي عن تغطية الأحداث لأنه لو وجد لما تعرض لما تعرضت له لارا. وردة الفعل تجاه أي مراسل هي ردة فعل تجاه المحطة التي يمثلها وهل هي مع القضية التي تغطيها أم أنها ضدها. المراسلون عبر العالم يعتبرون الأحداث هي فرصتهم للبروز وتحقيق ما يطمحون إليه فأي حدث كبير هو بالنسبة لهم شبيه بما يحدث لأي لاعب يشارك في كأس العالم ويحقق الأهداف وبالتالي تتوافد عليه العروض وتسعى المحطة التى ينتمي لها للفوز به لفترات أخرى عبر منحه ما يستحقه من تقدير مادي ومعنوي. أعتقد أن مشاركة المراسل العربي في الأحداث العالمية لا تختلف عن مشاركة اللاعب العربي في كأس العالم والتي تعتبر أقصى إنجازاتها الخروج من الدور الأول بأقل عدد من الأهداف.