وصف أطلقه الكاتب المصري الساخر محمود السعدني رحمه الله على أهل الحناجر الصارخين ليل نهار في الوسائل الاتصالية والمنابر. أثناء ثورة الشارع في تونس وتلاها ميدان التحرير بالقاهرة برزت ظاهرة أهل الحناجر المسمومة فأينما تنقّلت بين الفضائيات تجدهم بوجوههم الحاقدة وحناجرهم الشكمانيّة فرحين مستبشرين بما يحدث والله أعلم بما في قلوبهم. صاحب الجريدة (المقدسيّة) المشبوهة وأمثاله لا أعتقد بأنهم يحملون همّ فتى أو فتاة ودّعوا أهاليهم للانضمام إلى قوافل الثوار الذين فاض بهم الكيل . الذي تعنيه هموم البسطاء ليس من يطلق العنان لحنجرته وهو يتقلّب في نعيم حياة الحُرية والرفاه في لندن. الذي تعنيه أمور أيّ أمّة هو الذي يكون في وسطها ويشعر بمعاناتها ويحزن لحزنها ثم يقول كلمة الحق المتجرّدة دون أهداف مخبوءة ولا أجندات مقبوض ثمنها مقدماً. بكل بساطة ألاّ يكون بوقاً ينفخ فيه الغير. الحنجوريون لم ولن يفهموا قول ذلك الحكيم الذي تمنى رقبة جمل طويلة حتى تأخذ الكلمة وقتاً تتدحرج داخل بلعومه يفكّر أثناءها هل ينطق بها لسانه أم يبلع (العافية). كلنا مع حُرية الرأي بل ونستميت من أجل إظهار الحقيقة والوقوف مع أصحاب الحقوق والدفاع عنهم. لكن العار كل العار أن تُستغل هذه الأهداف النبيلة لتحقيق منافع شخصيّة أو تنفيذ أجندات مشبوهة رسمها من لا يريد الخير للأمّة والناس. وقت الأزمات أنسب بيئة لإنبات الحناجر وشحذ الألسن. وحين تصل درجة الغليان منتهاها لا يُسمع حينها صوت العقل فيهتبل الحنجوريون الفرصة لبث سمومهم. احذروهم فهم العدو.