مع تسارع الأحداث التي مرت بها منطقتنا بداية من ما حدث في إيران من ثورات شبابية تم قمعها بعد الانتخابات، ومروراً بأحداث تونس ومصر، كلهم ركز في مفهوم "الإعلام الجديد" وعده كثيرون المحرك الرئيس والأهم بما حدث حولنا، في مصر شباب الفيس بوك نجحوا من خلال صفحة "كلنا خالد سعد" على الفيس بوك بإطلاق شرارة الأحداث المصرية، وأظهرت مؤسس الصفحة وائل غنيم وجيله. الرئيس المصري السابق حسني مبارك في إطلالته الأخيرة، ظهر بخطاب ذي لغة خطابية متقنة وعالية وذات مدلولات كبيرة ومتنوعه بالمواضيع والمراحل التاريخية، ولم تغير اللغة الفخمة في الخطاب موقف شباب ميدان التحرير، بينما وبصورة مختلفة جداً، ظهر وائل غنيم بعد ظهر يوم الجمعة الشهير على قناة العربية، وكرر أنا وجيلي "نُضرب بالجزمة" - كرم الله القراء - من النظام الحاكم ولابد من إسقاط هذا النظام، تناقض كبير في أسلوب اللغتين، اللغة الأولى لخطاب مبارك من الطبيعي أنها مرت بمراحل معقدة من المراجعة وغيرها، أما لغة غنيم فكانت عفوية ومن دون حدود على قناة العربية!. في إيران كان الإعلام الجديد حاضراً وبقوة ولكن تم قمعه وبقوة وقمع شبابه، في تونس كان الإعلام الجديد حاضراً ونجح لأن الظروف ساعدته، أما في مصر فكان الإعلام الجديد والإعلام القديم حاضرين بضراوة وبقوة لا يمكن وصفها، شاهدنا قناة ومعها قنوات أخرى، تعمل وبكل إمكاناتها للتحريض والتشجيع ضد نظام رئاسي قوي، وشاهدنا بالمقابل قنوات حكومية وخاصة مصرية تحاول أن تكون ومن دون حرفية مع النظام، كان الريموت هو الحكم، قنوات كانت تنقل الحدث بصورة مباشرة وحقيقية لما يجري في ميدان التحرير، بينما تلك القنوات المصرية تضع صورا للميدان قديمة وكأن الناس في عيد شم النسيم!. أنا شخصياً اعتبر أن من قاد الثورة بقوة وساهم بما حدث هو الإعلام القديم وهو إعلام الفضائيات، صحيح أن الشرارة بدأت من الإعلام الجديد ولكن وأكرر من دون الإعلام القديم لن يحصل ما حصل، حتى نائب الرئيس السابق عمر سليمان في خطابه قبل الأخير والشهير هاجم الفضائيات التي ساهمت على حد قوله بالفتنة والتحريض على النظام ولم يهاجم الإنترنت وعائلته. الفضائيات أو الإعلام القديم بعد تقريباً 20 عاماً من وجوده في المنطقة العربية، غيّر التاريخ السياسي للعرب تحديداً، بعد أن كان الانقلاب العسكري عنواناً في ثورات كثير من الشعوب العربية، مصر بقوتها الإعلامية وخصوصاً الفضائية لم تكن بمستوى الأحداث المتسارعة حولها، الشعب المصري الآن في مرحلة صعبة في ثقته بالفضائيات المصرية، التي اجتمعت يوماً ما وبكل قوة في مواجهة الجزائر وشعبها بسبب أحداث تافهة لمباراة كرة قدم، وفشلت هذه القنوات للأسف مجتمعة خاصة وحكومية في ملامسة الواقع أو التعامل معه بحرفية، نعم لا يمكن بأي حال من الأحوال العمل ضد النظام، ولكن كان يمكن التعامل مع الواقع بواقعية وجزء بسيط من الصدقية!. كيف.. الأمر ليس استغباءً للمشاهد أن تحاول في عز الأزمة واشتعال فتيلها أن تحضر فتاة بدعوى أنها صحفية، لتقول عبر قناة المحور أنهم عبر الإنترنت ينفذون تعليمات وأجندات مفروضة عليهم من إيران وأمريكا، هنا تخوين لشباب ميدان التحرير ومبالغة بالعمل الذي تم عرضه، وفقدان للصدقية بدرجة كبيرة، حتى ولو حاولت القناة بعد تنحي النظام بساعات لتبرير خطئهم ومحاولة الاعتذار المتكرر والسخيف. ما بين الإعلام القديم والجديد ترابط، استطاع الإعلام الجديد أن يعتمد فيه كثيراً على الإعلام القديم، وليس العكس، ولكن هل سيكون للإعلام القديم، وأقصد الفضائيات نفس الدرجة من القوة لكي تحارب وبشراسة من أجل إسقاط أنظمة أخرى، أو التشويش عليها، من وجهة نظري، نعم، وإن كانت الحالة المصرية غير، سياسياً وشعبياً، وخصوصاً أن المصريين ومن دون مبالغة كانوا راقين في ثورتهم بدرجة جعلت الإعلامي عماد الدين يقول إنها ثورة: شباب ورد الجنائن!.