اقترح أحد الأصدقاء على أبنائه وضع لوحة على المنزل تحمل اسم المدرسة الأهلية التي يدرسون فيها. السبب هو كثرة عدد المعلمين الخصوصيين الذين يأتون إلى منزلهم ليس لتدريس الرياضيات أو اللغة الإنجليزية، أو الفيزياء، وهي المواد التي تكاد تكون مشتركة في درجة الصعوبة بالنسبة لكثير من الطلاب. الأمر تعدى ذلك إلى معلم القواعد، والنصوص، والإملاء فأصبح الأب يدفع للمدرسة، و المعلم الخصوصي، وأكثر من ذلك يدفع مبالغ إضافية للمدرسة مقابل دروس التقوية، كل ذلك من أجل تجاوز الاختبار، وكأن التعليم أصبح هدفه تجاوز الاختبار. تحاورنا حول هذه القضية و تساءلنا عن دور المدرسة في الحصص الرسمية اليومية، وماذا يفعل المعلم في الفصل مع طلابه، لكي تستحق المدرسة الرسوم التي ترتفع سنويا بشكل غير مبرر. وتطرقنا الى مهنة المعلم الخصوصي وكيف انه يعمل ليل نهار و يكسب مبالغ خيالية لدرجة أن صديقي يفكر في التقاعد والتحول الى معلم خصوصي لأنها تجارة رابحة. الموضوع الذي فرض نفسه على نقاشنا هو تطوير التعليم المنتظر، وهل سيكون من نتائج هذا المشروع إلغاء هيبة الاختبارات، وتغيير مفهوم التعليم، وتطوير دور المعلم، وتحقيق التوازن بين التربية و التعليم، بما يساهم في بناء شخصية الطالب القادر على التفاعل، والتفكير، والتحليل، واتخاذ القرارات، والمشاركة الاجتماعية، والانتقال إلى الحياة الجامعية أو العملية بقدرات واتجاهات سلوكية تمكنه من التكيف. واتفقنا في حوارنا أن القضية في مشروع تطوير التعليم يجب ان لا تحصر في المقررات المدرسية، فهي جزء من منظومة متكاملة يؤثر كل جزء منها في الجزء الآخر. من أهم أجزاء تلك المنظومة، بيئة المدرسة، وطرق التدريس، و أساليب التقييم، و دور المعلم. أما المقررات نفسها أو الكتب المدرسية فإن استعراض بعضها يجعلك تخرج بانطباع سريع و هو انها تركز على الكم و ليس على الكيف. إن حجم الكتاب ومحتوياته لا يتناسبان مع المرحلة الدراسية و مع المدة الزمنية المتاحة في الفصل الدراسي، وعدد الطلاب في الفصل، يجعلنا نتفهم أحد أسباب انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية خاصة أن الاختبار تحول مع الاسف إلى غاية و ليس الى وسيلة. منذ زمن طويل و المختصون يقولون إن الاختبار يجب أن يقود الى التعلم وليس العكس، وما يحدث الآن هو أن كل الجهود تتجه نحو الاختبار، حيث يتم حشد الطاقات، وضبط الميزانية لتغطية تكلفة الدروس الخصوصية، وشراء الملخصات، وحضور دروس التقوية، و استخدام طريقة الحفظ الآلي التي تساعد الطالب على الإجابة على أسئلة الاختبارات التي تشجع على طريقة الحفظ و تبتعد عن أسئلة التفكير، والتحليل، واكتشاف الفروق الفردية. سوف يتحقق التطوير إذا استطعنا أن نطور كافة عناصر منظومة التربية والتعليم بشكل متوازن يحقق النظرة الشمولية انطلاقا من رؤية مستقبلية وطنية واضحة للتعليم تكون أساسا لتحديد الأهداف المراد تحقيقها، وتحديد الوسائل و الطرق المناسبة للوصول الى تلك الأهداف.