نشرت بعض صحفنا المحلية يوم 30/1/1432ه ان مجلس الشورى الموقر يحمل على مؤسسة البريد اهدار 800 مليون ريال قيمة صناديق البريد التي اغلقت دون ان يستفيد منها المواطنون والمقيمون والذي لاشك فيه ان أموال الدولة وارداً ومصرفاً هي من أجل خدمة الوطن والمواطنين ولاشك ان الحرص عليها واجب على كل من انيط به الأمر والأكيد ان التفريط في أموال الدولة واهدارها يعرض المتسبب إلى المساءلة والمعروف أن مراقبة أموال الدولة وارداً ومنصرفاً جعل من واجبات وزارة المالية وديوان المراقبة ولوجود اهدار لأموال الدولة من قبل مؤسسة البريد فإني أرى أنه من واجبي التنبيه عليه ولكن قبل ذلك أصحح أن المبلغ ليس كما ذكره الشورى 800 مليون بل ربما تجاوز الثمانية مليارات ريال مما يتوافق مع ما سبق ان صرح به رئيس البريد يوم الاعلان عن البدء بتركيب تلك الصناديق البائسة إذ انه ذكر ان تكلفة الصندوق 600 ريال فكانت تكلفة صناديق الرياضوجدة فقط أكثر من مليار ريال ومن ثم أقول: بم تفسر اصرار مؤسسة البريد على مواصلة تركيب صناديقها في مدن المملكة والخطوة القادمة ستكون في المدن الصغيرة وربما القرى والهجر على الرغم مما وصلت إليه صناديق البريد التي ركبت على جدران المنازل والمتاجر في بعض المدن أخص الرياض من حال يرثى لها لتحول الكثير منها إلى خردة مبعثرة بل وتحول البعض منها إلى لوحات لتسجيل العبارات والألقاب التي تخدش الحياء أو انها تحولت إلى طفايات سجائر لدرجة انها أدت إلى تشويه مناظر أبواب المنازل وحاولت طمس الجهود الكبيرة التي بذلتها الأمانة في تسمية الشوارع وترقيم المنازل ترقيماً سهلاً للحفظ مما يسهل الوصول إلى المنزل المقصود. ولقد ركبت تلك الصناديق بدون أي طلب من الساكنين وركبت بأعداد مكررة (العمارة فيها ثماني شقق إن لم تكن سبعاً ركب جوار بابها 24 صندوقاً ولدي الدليل بل كل العمائر السكنية تضاعف فيهاالأعداد) وركبت عل جدران منازل عمالة لا تعرف عنها شيئاً ولدي الدليل ، وركبت في أماكن تساعد على تخريبها لعدم امكانية الرقابة عليها كالتي ركبت على أحد أسوار مول العثيم من الخارج ومن ثم أعيد استبدال التالف بجديد ولقي نفس المصير ومثلها التي ركبت على الجدار الخلفي لمستوصف حي الريان الأهلي (بشارع الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله) والذي يتضح ان تلك الصناديق صنعت من مادة رديئة جداً بدليل سهولة تهشيمها بأيدي الأطفال وأعطيت أرقاماً خرافية لا أول لها ولا آخر وبين الجارين العشرات إن لم تكن المئات من الأرقام (ولي بيتان متجاوران احدهما برقم 7120 والآخر 7138) وأحياناً يلصق الرقم على جانب والصندوق في الجانب الآخر من الباب وقد حسبت تكلفة الصندوق ب600 ريال وحسبت على المشترك ب499 ريالاً تماثلاً مع دعايات أسعار السلع بينما لا يستحق ولا حتى 30 ريالاً في حين أن صناديق الصحف والمجلات متينة وجميلة وتركب ببلاش بمجرد الاشتراك في الصحيفة ولو سار أحدنا في أي شارع في الرياض لشاهد التلف والعبث بتلك الصناديق مثل ما حل بصناديق مول العثيم ومستوصف الريان وان احدى العمائر التي تسكنها مجموعة من منسوبي المستشفى العسكري بجوار المستشفى وخلف عمارة الأركان ركب بداخلها 32 صندوقاً وشققها لا تتجاوز ربما العشرين وأكثر صناديقها بحكم التالف ولم يستخدم منها واحد إلى اليوم لأن عناوين الساكنين على المستشفى وليسوا بحاجة إلى عناوين البريد ولا شك ان تركيب الصناديق بدون طلب يوصف بالعبث وإلا فعائلة فقيرة لا تجد ما تسدد به فاتورة الكهرباء ولا الماء وقد ينامون في الظلام أياماً وقد يتجاوز البعض منهم وجبة الغداء أو العشاء بسبب الفقر كيف تجعل له عنواناً وتركب على بابه صندوقاً لن يستخدمه؟ بل سيكون مآله مرمى النفايات، وعلى الرغم مما ذكرته آنفاً تعمد المؤسسة إلى مواصلة مشوار التركيب وكأن مسؤوليها لم يقرأوا ما كتبته الصحف عن فشل هذا المشروع وكذا لم يحرك ما حل بتلك الصناديق من عبث وتلف أياً من مسؤولي البريد وكأنهم لم يعلموا به فتراهم كالصم العمي ومن أمن العقاب أساء التصرف، وأخيراً لم أر اهداراً للمال والجهد والوقت مثل ما رأيته في تركيب تلك الصناديق ولم أعرف تقاعساً من الجهات الرقابية المالية مثل تقاعس ديوان المراقبة عن هذا الاهدار ولم اسمع مجاملة أو عدم مبالاة مثل ما سمعته وقرأته عن رأي مجلس الشورى منذ أربع سنوات حول هذا الموضوع على الرغم من المعلومات التي وصلت إليه وأنا واحد ممن بعث إليه نسخاً مما نشر في الصحف عن تلك الصناديق وعند مناقشته هذا الموضوع يؤجل النظر فيه حتى ينتهي البريد من تركيب الصناديق الباقية عجباً أيترك البريد ليستمر في اهدار المليارات ثم ينظر في الأمر؟ فبم يفسر المجلس التريث في النظر بهذا الاهدار هنا استغرب بل احتج بحكم مواطنتي فعلى الرغم من ان عدد اعضاء المجلس (150) عضواً فمستحيل ألا يرى عدد منهم ما حل بتلك الصناديق فمعظمهم ساكنون داخل الأحياء وليسوا في المريخ ولا في قصور من العاج ويكفي ان يرى أحدهم تلك الصناديق التي ركبت من أجل مستوصف حي الريان الأهلي فالعمارة كلها مشغولة بالمستوصف حتى معارضها مستخدمة كصيدلية إلا واحداً ركب من أجلها 14 صندوقاً وعلى جانب بعيد كل البعد عن الرقابة وكلها مهشمة بينما المفروض ان يركب صندوق واحد في المدخل ولدى استعداد لايقاف أي مسؤول على ما ذكرته، لذا فمن الواجب ايقاف البريد عن الاستمرار في تركيب تلك الصنادق ان بقي لديه شيء منها ليتوقف هذا الاهدار والشيء المؤكد ان خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة لن تقبل بهذا الاهدار الذي قد يصل إلى أكثر من ثمانية مليارات لو استغلت بما هو أفيد من تلك الصناديق التي معظمها أصبح بحكم التالف لو استغلت في بناء مساكن للمحتاجين في المملكة لكفتهم ومن ثم كم صندوقاً استفيد منها أجزم ان ما استفيد من تلك الصناديق لا يتجاوز 5٪ في مختلف مدن المملكة، وأخيراً أليست مساءلة مسؤولي البريد واجبة عن هذا الاهدار الملياري؟ ومساءلتهم أولى من المساءلة والتحقيق في اختلاس 80 مليون ريال من مستثمرين سعوديين وأين هذه الحالات من رجل في فلوريدا الأمريكية يواجه تهمة جنائية بعد اعتقاله لأنه سرق 42 سنتاً وهو ما يوازي أقل من ريال ونصف الريال سرقها من نافورة في مركز تجاري وهو مما يلقيه زوار المتجر كتبرع يجمع في النهاية لتمويل المساكن الإنسانية في المقاطعة فشتان وشتان بين الحالين اللهم طهر النفوس من الأرجاس وأطعمنا الحلال.