إن مظاهر الاختلاف الاجتماعي بين الرجل والمرأة شكّل فروقاً فردية بينهما، بل ومتّعهما بحقوق مختلفة، كما أن المجتمع فرض أدواراً محددة على كل فرد تبعاً لجنسه، فعلى الرغم من أن عمل الرجل في البيت ومساعدته لزوجته يعد عاملاً أساسياً من عوامل تعزيز الألفة والمحبة بين الزوجين، إلا أننا نجد ثمة من يعتبر ذلك تقليلاً من رجولته، وتنازلاً عن حقوقه وقوامته. ليس تفضلاً يقول "عبد الله الجميلي" -أب لطفلين-: لا أرى ذلك تفضلاً وتكرماً، إنما أراه واجباً عليه في حال تعب الزوجة أو عدم مقدرتها على العمل، وبالأخص إذا كان كلا الزوجين موظفين ويعملان خارج المنزل، مضيفاً أنه من الظلم ترك الزوجة تعمل لوحدها طوال الأربع والعشرين ساعة، ولكن هناك حدودا في مساعدة الزوجة على الرجل ألا يتخطاها، حتى لا تقل هيبته أمام زوجته وأمام الآخرين. أغسل الملابس! ويخبرنا "فهد الفرحان" أنه منذ أن كان شاباً وهو يساعد أهله في المنزل، بل ويدخل المطبخ ويغسل الملابس والأطباق، مضيفاً أنه بعد زواجه وإلى الآن لا زال يساعد زوجته في بعض الأمور، مشيراً إلى أنه يعتني أيضاً بالأطفال في حال انشغالها، ولا يرى ذلك عيباً، فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يساعد زوجاته وآل بيته. المرأة كالخادمة وأضاف أن ذلك نابع من ذات الرجل وليس مرغماً عليه، فالرجل في مجتمعنا الخليجي حقيقةً يعتبر المرأة كالخادمة، وإن لم يصرح بهذا الشيء، فيكفي أنه مؤمن بذلك، فهي المسؤولة لوحدها عن تنظيف المنزل بأكمله وإعداد الطعام وتجهيز الملابس، دون النظر إلى عمرها أو ظروفها أو حدود مقدرتها، بينما نجد الرجل في بعض المجتمعات العربية الشقيقة يعتبر المرأة نصفه الآخر في كل شيء، فتجده معاوناً لها في الطبخ والغسل وتربية الأبناء وتدريسهم، بل حتى حاجياتها يحملها هو بنفسه، ولم أجد يوماً أحدهم يشتكي التظلم وهدر حقوقه متناسياً كونه رجل مسؤول عن رعيته. ضمن حدود المعقول ويرى "خالد محمد" أن طبيعة عمل المرأة لا تؤهل أن يدخل هو في شؤونها، إلا في بعض الأعمال البسيطة، كإعداد الشاي أو القهوة أو الأعمال الأخرى ضمن حدود المعقول، شريطةَ ألا يعرف ذلك ممن هو حولك؛ لأنه وللأسف سيقابل ذلك بالإساءة والاستهزاء والتعليقات الساخرة، التي تنتقص من قيمة الرجل، والتي أجدها ظالمة بحق الزوجة ولا تمت للمنطق بصلة. مجتمع محافظ ويستنكر "أبو سلطان" -42 عاماً- أن تكون مشاركة الرجل أعمال المنزل مقياساً لنجاح الحياة الزوجية قائلاً: لا أدري هل بامتناع الرجل عن مساعدة زوجته في البيت يؤدي ذلك إلى النزاع أو التفكك الأسري كما يزعم البعض؟، مضيفاً: "ليس من العقلانية أن يعمل الرجل خارج المنزل، ثم يأتي ويكمل الناقص في منزله، حتى لو تحدثنا عن الأمور اليسيرة والأعمال السهلة، فهي كلها من واجب المرأة، ثم إننا في مجتمع محافظ ومتشدد، ويعتبر مشاركة الرجل في الأعمال المنزلية (عيبا) وإنقاصا من الرجولة، أضف إلى ذلك أن مثل هذه الأمور قد تفتح للنساء أبواباً يطالبون فيها إكمال حقوقهن بمشاركة الرجال أعمالهن". أكثر من حقوقها واستغرب "أبو سلطان" من مطالبة بعض النساء بمشاركة الرجل في أعمالها في المنزل، وقال: بعد أن تعددت مجالات عملها أصبحت تطالب بأكثر من حقوقها، ليزيد معها شعورها بالعدل والرضا وتقل خلافاتها العائلية، مشيراً إلى أنه يرى أنه ليس من العدل عمل الرجل خارج المنزل ليصرف على زوجته ويوفر حياة كريمة لأبنائه، ثم يعود للبيت ليتقاسم العمل مع زوجته، وحتى لو كانت زوجته موظفة فلمَ وجدت الخادمة إذن؟. ليس عيباً أما "بدور العمري" -أم لثلاثة أبناء- فتقول: صحيح أنه ليس عيباً أن يشارك الزوج زوجته في طهي الطعام أو في إعداد الشاي والقهوة، ولكن العيب أن تجد الرجل منهمكا بغسل الأطباق أو كي الملابس أو تدريس الأبناء لوحده، بينما نجد الزوجة نائمة أو تتحدث على الهاتف أو حتى تتجول في الأسواق، أي لا بأس بمساعدة الزوج في حال كانت الزوجة مريضة أو مرهقة، مضيفةً أنه ليس الذكر كالأنثى، فالرجل قدّر له أن يعمل خارج المنزل والمرأة داخله، وإن رفض ذلك لا ملامة ولا عتب، وحتى إن كانت الزوجة موظفة، فإن ذلك لا يعني أنه لابد من مشاركته العمل في المنزل، بل يجب عليها أن توفق بين عملها وشؤون بيتها، مشددةً على أنها ترفض أن يشاركها زوجها في الأعمال المنزلية بأي شكل من الأشكال. جوّاً من السعادة ويؤكد الباحثون أن معظم النساء يحببن اضطلاع الزوج بنصيبه من الأعباء المنزلية، وأن مشاركته بعض أعمال المنزل مثل أعمال التنظيف، يضفي جوّاً من السعادة على العلاقة الزوجية، وفسر أحد الخبراء بأن مقاسمة الأعباء المنزلية مناصفة بين الزوجين، قد يضفي المزيد من الدفء على العلاقة الزوجية، حيث تنظر النساء لمشاركة الرجل في أعمال المنزل كتعبير عن الاهتمام والمحبة، كما أن ذلك يخفف من إجهادهن الجسدي.