أربعاء جديد، أمطار جدة أو بمعنى أدق كارثة جدة " 2 " أشد ألما وصعوبة من سابقتها، هذه المرة أحتجز طلاب وطالبات بمختلف المراحل الدراسية، تزامنت مع امتحانات نصف العام، وأصبح الضرر والشمولية أكثر، وفيات أعلنت، انقطاع كهرباء، نقص غذاء ودواء، بالأمس نحتفل أن المملكة الأكثر جاذبية استثماريا في الشرق الأوسط والوطن العربي كما تعلن هيئة الاستثمار السعودية، وأنها استقطبت أكثر من 555 مليار ريال، أرقام مهولة تثير حماسك ووطنيتك، جذبنا هذا الكم من الاستثمارات، صيتنا الخارجي مهم ونعمل عليه بتركيز كبير، ووزير المالية يصرح وكل المسؤولين أننا لم نتعرض كدولة لأزمة مالية أو أصابنا ما أصاب الآخرين، تطمين هائل أن لا قلق من الأزمة المالية، الجامعات السعودية تسابق الزمن لكي تحصل على تصنيف عالمي وحققت ما تريد بشكل أو بآخر وأصبحنا نقفز من المستوى 2800 إلى مصاف التصنيفات المئوية أي قفز آلاف المراتب، يصرح المسئول أن هناك دراسة ولجنة ومشاريع وتعميدا ماليا وغيره، لكن على الأرض ترى صورة مختلفة، كل هذا الزخم الإعلامي لخلق صورة " خارجية " مميزة وبراقة هي مكتسب وطني لاشك، لكن هل هي تمت للواقع بصلة ؟ هل التنافسية التي جذبت 555 مليار ريال وطنت صناعة متوسطة أو خفيفة أو وظفت مواطنين يوازي هذا المبلغ؟ أو خبرات ضخت في هذا الوطن؟؟ الحقيقة تقول: لا. هل تجاوزنا الأزمة المالية ولا علاقة لنا بها كما يحدث ببقية العالم؟ الحقيقة تقول: لا، لأننا داخليا نعيش أزمات وليس أزمة واحدة، وجدة الأن ماثلة أمامنا، فكم ضخ في جدة من أموال وتعميد مالي منذ 50 أو 30 سنة، هل يمكن وضع رقم 60 مليارا إلى 100 مليار بفرض أن أمانتها وكل جهة حكومية ستصرف أو تنفق 2 مليار سنويا على جدة ؟، إذا أين هذه الأموال على مر عقود من السنوات؟. الأمير خالد الفيصل يصرح بالأمس أن تصريف المياه لا يغطي إلا 10% من جدة، إذا ماذا يحدث؟ أين صرفت هذه التعميدات المالية والرصد ؟ كارثة جدة تتكرر، منظر الجميع يشاهده، أصبح مصدر الصور والخبر وسائل الإتصال الجديدة والإعلام الجديد من بلاك بيري وتويتر، بث حي ومباشر، غرقت جدة بمعنى أدق، لا حراك، لم يتغير شئ على أرض الواقع منذ كارثة جدة الأولى، كل شئ كما هو بل أسوأ!! ماذا حدث إذا؟ المسئول موجود والوعود نفسها، اللجان تجتمع، والشفط مستمر، والغرق مستمر، والاحتجاز والعوز كلها لم تتغير على أرض الواقع، حتى استقالة مسئول لم نسمع بها، ظلت الصورة كما هي وثبتت الكارثة الثانية، المواطن والمقيم في جدة والجميع يستغرب.. ماذا يحدث في جدة؟!، رغم كل الأموال والوعود واللجان والتحقيقات لكن لا شئ يتغير، مدينة قامت بدون بنية تحتية من الأساس، من الذي وافق ورخص وسمح ببناء على أرض بلا خدمات من أي نوع ؟ أصبحت جدة كلها أزمات لا تنتهي ولا حلول في الأفق، لن نقول من المستفيد فقد أصبحت مستهلكة، لكن أين الحلول؟ هل هناك رغبة في الحل ممن يقود العمل والمشاريع في جدة ؟.. أسئلة بحجم الكارثة لماذا لا تتقدم وتتغير جدة رغم كل شئ؟!، هل أستعصى الحل في جدة؟، ستكرر الوعود وستتكرر المشكلة وتعقد اللجان من جديد، ثم ماذا ؟. لن يكون الحل إلا بحل مباشر لكل مقصر، وترسية المشاريع بمناقصات شفافة وواضحة، ومحاسبة ومتابعة حقيقية، وجدول زمني.. الحلول موجودة وممكنة؛ لكن نحتاج إلى إدارة وكفاءات ومصداقية... نحتاج محاسبة لا تتوقف ولا تتأجل ولا تستثني.