أقر مسؤولون أميركيون أن الاضطراب الحاصل في مصر خصوصاً، وتونس ولبنان يمكن أن يخلط أوراق أجندة السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين في الإدارة الأميركية أجرت مقابلات معهم في الأيام الأخيرة، إقرارهم بأنه كان للولايات المتحدة تأثير محدود على كثير من اللاعبين في المنطقة، وأن الاضطراب في مصر، بخاصة يمكن له أن يخلط أوراق أجندة السياسة الخارجية الأميركية. ولفتت الصحيفة إلى أن واشنطن تبحث عن خطة للتعامل مع منطقة دائمة الارتباك باتت حالياً فجأة تدور في اتجاهات خطيرة، في ظل ما يجري في مصر وتونس ولبنان. وقال المسؤولون الأميركيون إن الأهم في الأمر هو أن موجة الاضطراب هذه قد تستأصل حلفاء قيمين لأميركا، واعتبروا أن الثورة في تونس، وهي لاعب ثانوي في المنطقة، ليست كواحدة تحدث في مصر، التي تعد لاعباً محورياً. وذكرت الصحيفة أن الحكومة المصرية تعد حليفاً مهماً لواشنطن، لكن الشعب المصري مرتاب جداً من الدوافع الأميركية. وقال مدير دائرة الشرق الأدنى في مجلس الأمن القومي الأميركي دانيال شابيرو، إن "هذه البلاد تسير في مسار مختلف"، مضيفاً أنه لا يمكن أو ينبغي أن لا يُحاوَل تصميم قالب نموذجي لكيفية التعامل مع ذلك. ولفتت الصحيفة إلى أن الإدارة الأميركية حاولت موازنة علاقاتها مع الرئيس المصري حسني مبارك بتعابير عن القلق بشأن الانتخابات والمسجونين المعارضين في بلاده، لكنها قد تجد من الأصعب عليها انتقاءه إن تواصل نمو الحشود في مصر، وفقاً لبيانات القلق المنفصلة بشأن التظاهرات الحاصلة في مصر، التي صدرت عن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الثلاثاء. وقال آرون ديفيد ميلر، عضو في مركز "وودرو ويلسون الدولي" إن "التحدي أمام الإدارة هو إيجاد التوازن الصائب بين تعرف الولاياتالمتحدة عن كثب على هذه التغيرات وبالتالي تقويضها، وعدم إيجاد السبل لتغذيتها". وأضاف "هم لا يعرفون بعد كيفية القيام بذلك". ويقول بعض المنتقدين إن الإدارة الأميركية أخطأت عبر وضعها عملية السلام في مركز إستراتيجيتها في المنطقة. وقال المستشار بشأن شؤون الشرق الأوسط في إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، اليوت ابرامز، "إنهم يضعون العلاقات الأميركية المصرية ضمن إطار الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، لكن ما يحصل في مصر ينبع منها". وأشارت مديرة في مجلس الأمن القومي الأميركي المعنية بشؤون حقوق الإنسان، سامانتا باور ، إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما من خلال توجيهاته لتطوير السياسات الاميركية في المنطقة، كان مصراً على احتساب المخاطر الهشة والمخبأة للوضع الراهن". لكن النقاد يقولون إن زيادة الجهود فشلت في فتح فضاء سياسي في الدول العربية، فبالرغم من الدفع من أجل مراقبين للانتخابات في مصر، إلا أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة حكم عليها بأنها أقل نزاهة من انتخابات العام 2005. وقال مسؤولو الإدارة الأميركية إنهم ضغطوا تكراراً من أجل عدم إعادة فرض قانون الطوارئ الذي يتم تطبيقه في مصر منذ 30 عاما. وأشاروا إلى ان الرئيس الأميركي خلال مكالمة هاتفية مع نظيره المصري ربط بين الهجوم على كنيسة للأقباط يوم عيد الميلاد في مصر، وحقوق الأقليات الدينية. ونقلت الصحيفة عن نقاد أن الضغط يتواصل على الأغلب سراً، وهو يفعل القليل في سبيل بناء دعم بين الشباب العرب، ويقول بعض المحللين إن السؤال الكبير هو إن كان ينبغي على الإدارة الأميركية استغلال مسألة تونس للضغط نحو تغيير في مكان آخر. من جانبها قالت المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون امس إن الاحتجاجات في مصر تظهر "الرغبة في التغيير السياسي" كما أنها "مؤشر" على تطلعات العديد من المصريين عقب أحداث تونس. وقالت المتحدثة مايا كوتسيانشيتش في بيان إن "الاتحاد الاوروبي يتابع عن كثب التظاهرات التي تجري حاليا في القاهرة ويعتبرها مؤشرا على تطلعات العديد من المصريين في أعقاب أحداث تونس". وقال إنه مع تجمع آلاف المصريين في الشوارع "للإعلان عن رغبتهم في التغيير السياسي" فإن الاتحاد الأوروبي يدعو السلطات المصرية الى احترام وحماية حق المواطنين في التعبير عن تطلعاتهم من خلال تظاهرات سلمية. كما حث الاتحاد الذي يضم 27 بلدا القاهرة إلى "الانتباه الى رغبتهم (المصريين) المشروعة في وجود تحرك سياسي لمعالجة المشاكل التي تؤثر على حياتهم اليومية".