جدل اقتصادي وسياسي, يتحدث الكثير عن معطيات مصير اليورو مع تبعات المصاعب الاقتصادية في أوروبا, فبعد اليونان وأيرلندا والبرتغال وأيطاليا وأسبانيا, وتتباين الأزمة من دولة لدولة أوروبية أخرى, فمنها من احتاج لمساعدة وضخ مالي أوروبي, ومنها ينتظر ولا يفضل المساعدة الأوروبية ولكن سيكون محتملا جدا أن تلجأ للمساعدة الأوروبية, والمديونيات ترتفع والبطالة تتزايد وعدد سكان أوروبا يتناقص وهو أساس من أسس النمو الاقتصادي لذا فهي تعتمد الآن كثيرا على المهاجرين وليس أي مهاجرين, الاقتصاد الأوروبي متباين, وغير متشابه, لا في مستويات المديونيات ولا التضخم ولا البطالة, سنجد أن ألمانيا وفرنسا حالة منفصلة اقتصاديا عن بقية أوروبا حتى بريطانيا التي لم تدخل ضمن "اليورو" وأبقت الجنيه الأسترليني مستقلا ومحافظا على هويته الأنجليزية والملكية الخاصة به, الاقتصاد الفرنسي والألماني لا يعاني ما تعانيه بقية أوروبا فهي الدول الصناعية الأولى, ولم تعتمد على الإقراض والقروض بصورة أكبر, ودول أكثر مرونة في تقبل المهاجرين والعمل في دولهم عوضا عن توقف النمو السكاني ببقية أوروبا, ودول تعتمد كثيرا على التصدير "الصناعي" خاصة للدول الناشئة وليس أوروبا تحديدا, والأهم السياسات النقدية والمالية التي اتبعتها هاتان الدولتان, ومنها أكدت المستشارة ميركل والرئيس ساركوزي أنه لا فكاك لأوروبا عن اليورو, فأي تفكير بفك أو إلغاء لليورو سيعني انهيار أوروبا اقتصاديا, وهذا ما لا يسمح به الألمان ولا الفرنسيون الأكبر اقتصاديا في أوروبا, ولجأت إلى دعم الدول المتعثرة ماليا ووفق شروط محددة وملزمة من تقشف اقتصادي وتحجيم للإنفاق الحكومي حتى الخروج من عنق الزجاجة. ما تم بناؤه على مدار خمسة عقود والخروج بعملة "اليورو" لا يعني أن يكون العودة للنظام السابق سهلا أو ممكنا, وحين نتخيل أو نضع سيناريو العودة للعملات المحلية كاليونان مثلا حين تعود "للدراخما" فهذا يعني خروج الاستثمارات الأجنبية من الدولة, تقلص التدفق النقدي, تغير سعر الفائدة, انخفاض العملة المحلية لمستويات كبيرة, ارتفاع تكلفة التمويل أو الحصول على الإقراض والاقتراض, اختلاف السياسات المالية والنقدية عن بقية دول الاتحاد الأوروبي, جاذبية الدول للاستثمار في ظل انفكاك اليورو المحتمل أو ما يمكن أن يتوقعه الكثير, الأثر لانهيار اليورو سيكون مأساويا على كل الدول الأوروبية اقتصاديا, وسيعني تفكك الاتحاد الأوروبي, وهذا هو التحدي الكبير, ولكن من يدرك الأثر السلبي لانهيار اليورو أو الاتجاه لإلغائه هو من يمسك به الآن ولا يسمح بإلغاء اليورو, وحين يكون الميزان بقاء اليورو أو انهيار الاتحاد الأوروبي سنجد أن المانيا أولا وفرنسا ثانيا هي المتصدي الأول لبقاء اليورو, والتوقعات تشير والقراءة الاقتصادية تقول إن بقاء اليورو هو الحل الأفضل للدول الأوروبية رغم كل المصاعب التي تعانيها الدول الأوروبية الآن والتي تحاول الخروج من الأزمة بدعم صندوق اليورو لدعم الدول المتعثرة ولم تنته الأزمة, وتقلب اليورو مع تقلب سعر الدولار والنفط, أبقى حالة عدم الاستقرار, والأوروبون يريدون اليورو أولا حتى لا ينهار الاتحاد الأوروبي ومعها اقتصادياتهم وهو الخيار الباقي.