لم نعد نحصي من ودعنا، ولم تعد الكلمات تكفي لعبارات الوداع، كلما انطفأ مشعل توقعنا مشاعل، ووجدنا مشاعل أكثر يخفت ضوءها. كنا نعلم أن مشعل محمد الثبيتي يتقلص ضوءه، وأن نار القهوة المستطابة تذبل ، فلا يبقى للكؤوس ، غير حثالة الفناجيل .. أي منا يداري الشعلة أو ينتبه لما بين يديه ، وصوت عابر للصحاري مستظل بنخل العذارى .. يعبر لدواخلنا يهز -كجذع النخلة- أرواحنا طربا للقصيدة المشتهاة .. ((أدِرْ مهجة الصبحِ صبَّ لنا وطنًا في الكؤوسْ يدير الرؤوسْ وزدنا من الشاذلية حتى تفيء السحابة أدِرْ مهجة الصبح واسفح على قلل القوم قهوتك المرْةَ المستطابة أدر مهجة الصبح ممزوجة باللظى وقلّب مواجعنا فوق جمر الغضا ثم هات الربابة )) المشعل أعلن انقطاعه، المشعل توقف عن دفع الضوء ، لكن الضياء باق يرسل قبسا تلو قبس .. فيا سيد البيد، هذه شمسك الباقية رغم سقوط المشعل من يديك تدور ساخنة كسخونة الرغيف الصباحي من يد أم حنون .: (من شفاهي تقطر الشمسُ وصمتي لغة شاهقة تتلو أسارير البلا د هذه أولى القراءات وهذا وجه ذي القرنين عادْ مشرباً بالملح والقطران عادْ خارجاً من بين أصلاب الشياطينِ وأحشاء الرمادْ .) سلام عليك يا راقدا تنتظر بقية القافلة، سلام عليك صوت يتوضأ بماء الصدق ، ويطيل صلاة التراويح .. ((سلام عليكَ سلام عليكْ . أيا مورقًا بالصبايا ويا مترعًا بلهيب المواويل أشعلت أغنية العيس فاتسع الحلم في رئتيكْ . سلام عليكَ )) ارقد بأمان فشمسك تشرق دوما .. فما مات من ترك خيوط الشمس.