بالرغم من تعليمات إدارات المرور بمنع دخول الشاحنات إلى داخل المدن خلال أوقات الذروة سواء في الفترة الصباحية أو الظهيرة أو المسائية، إلا أنّ سائقي الشاحنات كأنّ الأمر لا يعنيهم؛ فنجدهم يتكدسون في الطرقات المؤدية لداخل المدن، وبشكل لافت مما جعل إدارات المرور تكتفي بحجز هذه الشاحنات كما هو الحاصل في الطرق الدائرية داخل مدينة الرياض في منظر غير حضاري، ويوحي بهشاشة الإجراءات التي تتخذها إدارة المرور حيال هؤلاء المخالفين للتعليمات، فنجدهم يسابقون المركبات الصغير في تلك الطرق ولسان حالهم يقول: (لعل عين الرقيب لا ترانا فنكسب الوقت للوصول لأعمالنا)، وهذا ديدنهم مسببين الازدحام الشديد وعرقلة السير وإشغال لرجال الأمن بأمر يمكن حسمه بالحزم، حتى لا تكون هشاشة الإجراءات المتخذة حيالهم يستمرؤون تكرار الخطأ، فهؤلاء السائقين أول من يلتزم بالنظام فور سفرهم بتلك الشاحنات للدول المجاورة، كما نبه على ذلك أحد الذين التقتهم «الرياض» في هذا التحقيق. تخالف الأنظمة وتنفَذ إلى وسط المدينة عبر الأحياء.. والنتيجة «ازدحام لا يطاق»! الخوف من الطريق المواطن «فارس الخليفة» اعتاد كل صباح على منظر الشاحنات التي تسابقه في طريقه لعمله مما يجعله خائفاً يترقب من مجاراتها، ويقول: «هذا هو حالي كل يوم كأحد سالكي الدائري الشرقي ففي كل يوم أعيش مشهد الارتباك الحاصل في حركة سير الشاحنات في هذه المنطقة، وللأسف زيادة على ذلك الازدحام فقد تم تحويل خط سير هذه الشاحنات بهذا الاتجاه بحيث تتقاطع مع القادمين من (مخرج 15 طريق سعد بن عبدالرحمن الأول) وباتجاه الشرق، لتشاركنا الشاحنات نحن أصحاب السيارات الصغيرة التي لاحول لنا ولا قوة أمام جبروت تلك الشاحنات وما قد تسببه من أضرار وحوادث لنا»، مشيراً إلى أنّه رأى حادثاً تسببت فيه إحدى الشاحنات، وبعد المشادة مع سائق الشاحنة، قال للمتضرر: «لا مشكلة فإنّ (التأمين) سيغطي لك ما قد تسببت فيه الشاحنة من أضرار؛ لأنّ الشاحنة تم التأمين عليها». ضرر الشاحنات ويروي «الخليفة» مشهداً آخر حدث أمام مرأى أعين أحد زملائه، وكيف أنّ أحد سائقي الشاحنات بعد ارتكابه لحادث مروري نزل وبكل برود متباهياً أنّ التأمين سوف يتكفل له بكل مالحق بالسيارة الصغيرة من عطب، وفي حادث آخر وأمام مرأى عينيه، شاهد أحد قائدي السيارات الصغيرة نزل ليرى مدى الضرر الذي أحدثته إحدى الشاحنات بسيارته، وهو واقف أما إحدى الإشارات القريبة من مستشفى الحرس الوطني بخشم العان، إذ بشاحنة أخرى تفاجئه من الخلف وهو مترجل عن سيارته يلتقط قطعاً من أجزائها المبعثرة بالطريق، ولولا لطف الله لاستقرت عجلاتها الأمامية في بطنه. وطالب «الخليفة» المرور بتطبيق الإجراءات الصارمة التي تكفل الالتزام بالمواعيد المحددة للسير في هذه الطرق، مناشداً المرور بإعادة فتح الطريق للقادم من حي النسيم الموصل للبوابة رقم 3 من مدخل الطوارئ لمستشفى الحرس الوطني؛ لأنّ فتحه سوف يخفف زحمة السير للقادم أيضاً من طريق خريص أو مخرج 15 باتجاه مدينة الملك عبدالعزيز الطبية الحرس الوطني. تخصيص مواقف خارج المدن ومنعها من المبيت داخل المدينة يخفف الفوضى تسرب داخل الأحياء ولم يقتصر عدم التزام سائقي الشاحنات بتكدسهم على الطرق المؤدية لداخل مدينة الرياض بل طال ضررهم ليقوم بعضهم بالتسرب إلى الشوارع داخل الأحياء، وهذا مايشير إليه «عبد الرحمن السلامة» بقوله: «بدأتُ ألحظ بعض الشاحنات تتسرب إلى داخل الأحياء؛ لتفر من الرقابة المرورية على الطرق الرئيسة، للوصول لمبتغاهم بأقصر الطرق»، مضيفاً: ومن أكثر الأماكن التي تتسرب منها الشاحنات هي الطرق المؤدية لطريق خريص من الأحياء المجاورة له لاختصار الطريق والبعد عن المراقبة المرورية غير مبالين بما يسببونه من تلوث للبيئة داخل الأحياء السكنية وإزعاج للساكنين، مع عدم التزامهم بالسرعة المحددة، كذلك تتسبب تلك الشاحنات بالتلف للشوارع بمخالفاتها للدخول للأحياء وهو غير مسموح لها بذلك، ولكن للأسف لم يراع سائقيها ما يسببونه من خطر على حياة المواطنين والمركبات الصغيرة والبنى التحتية، وعزا السلامة تمادي سائقي الشاحنات بأنّ المخالفات التي تتخذ بحقهم غير رادعة، ولا توجد رقابة صارمة عليهم مما جعلهم يتحركون داخل الأحياء بشاحناتهم وكأنهم يقودون سيارات صغيرة، وقال: للأسف متى يتم إصدار نظام صارم يوقف مزاحمة هذه الشاحنات لنا كل صباح، والمطلوب من إدارة المرور بكل بساطة (تطبيق النظام) وسوف يرتدع قائدي الشاحنات عن سلوكهم غير الحضاري. المرور يؤكد وجود مواعيد للوقوف والانطلاق.. والوقع يختلف عدسة «بدر الحرابي» مواقف خارج المدينة وأشار «بدر الحبيش» إلى أنّ ما تشهده شوارع العاصمة خلال أوقات الذروة لا يليق بمدينة عصرية كالرياض، فهناك حاجة ماسة للحفاظ على الوجه الحضاري للعاصمة فضلاً عن القضاء على الإزعاج الذي قد يسببه مبيت الشاحنات وسط الأحياء السكنية مما يجعلها تخرج كل صباح إلى خارج المدينة، وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة، فلو تم تخصيص مواقف خارج المدينة يتم إيقاف الشاحنات بها، ويمنع منعاً باتاً مبيتها داخل المدينة، وتوضع اللوحات الإرشادية التي تنص على أنه يتعين على سائقي الشاحنات مراعاة هذه التعليمات ومن يخالفها يطبق بحقه أشد العقوبات التي ينص عليها نظام المرور؛ لرأينا انفراج نسبة كبيرة في الازدحام داخل المدن، ويضيف: كلنا اعتاد أن يرى الشاحنات والسيارات الكبيرة داخل أحياء القديمة وسط الرياض كالشميسي والعود والبطحاء ومعكال المربع ومنفوحة، ويرى أنّ الحل بضرورة الاستفادة من خبرة المرور في حجز السيارات في أوقات الحج عند مداخل مكة وتطبيقها على المركبات في مدينة الرياض. سحب رخصة القيادة أحد الموظفين الذين يسلكون كل صباح الدائري الشرقي، ناشد المرور عبر «الرياض» بأهمية عمل خطة للقادمين من شرق الرياض إلى غربه إما بواسطة الدائري أو طريق خريص وخاصة في ذروة الصباح، ويقول: «والله العظيم من الروضة إلى عملي في وسط الرياض؛ أستغرق ساعة تقريباً، وكل يوم على هذا المنوال، ويرى أنّ الحل في مضاعفة المخالفة على سائقي الشاحنات في المرة الأولى على سبيل المثال 100 ريال والثانية 300 ريال والثالثة 500 ريال، وربط المخالفات بالحاسب الآلي، فإذا زادت المخالفات عن خمس تسحب منه رخصة قيادة الشاحنات». الحل.. إيقاع الغرامات والعقوبات المشددة حفاظاً على الأرواح تواجد المرور ويقول «محمد عبدالله»: «أتمنى لو يقوم المرور بملاحظة دخول الشاحنات القادمة للرياض عن طريق ديراب، وإلزامهم بالاتجاه قبل معارض الشفاء يمين؛ لأنّهم الآن يقومون بالدخول على طريق حمزة بن عبدالمطلب جنوباً ثم يسلكون الدائري الجنوبي باتجاه الدائري الشرقي مما يسبب ازدحاماً في مخرج 26، كما أنّ الإشارات الواقعة على الدائري تفتح أكثر من خمس مرات ولا نستطيع تجاوزها؛ بسبب الشاحنات التي تشاركنا الطريق»، متأملاً من مدير عام مرور الرياض إعادة النظر في تجاوزات أصحاب السيارات الكبيرة خاصة على الطريق الدائري الجنوبي والشرقي. تجاهل التعليمات ويرى الأستاذ «عبد الرحمن الحصان» -المتخصص في قضايا المرور- أنّ تنظيم دخول الشاحنات إلى المدن الرئيسة واضح لجميع قائدي الشاحنات ولكنهم يتجاهلونه، فهناك فترات يمنع فيها دخول الشاحنات، فالفترة الأولى من الساعة 6 - 9 صباحاً، والثانية من 2 - 3 مساءً ، والفترة الثالثة من 6 - 9 مساءً، ولكن التطبيق الفعلي للمنع لا يتم إلا لفترتين تقريباً الأولى والثانية، مؤكداً على أنّ المشكلة الرئيسة تتمثل في خطورة تجاوز الشاحنات لبعضها أو للسيارات الأخرى، ولكي ترى ذلك فعليك الوقوف بسيارتك إلى جانب الطريق في الدائري الشمالي أو الشرقي أو الغربي أو الجنوبي من الرياض؛ لترى تجاوز هؤلاء السائقين للأنظمة بل إنّهم يتعدون ذلك إلى السرعة الجنونية التي لا تجد من يوقفهم عند حدهم لأنهم أمنوا العقاب فأساءوا الأدب. وكشف عن أنّ أغلب سائقي الشاحنات في المملكة الذين يتنقلون بشاحناتهم إلى دول مجاورة يسيرون بشاحناتهم على الطرق بنظام ولا يتجاوزون السيارات التي أمامهم مهما كان السبب، بل إنّ الشاحنات أحياناً تسير ببطء وتتجمع وراء بعضها البعض لمسافة طويلة خوفا من التجاوز والحصول على مخالفة مشددة، فإذا كان الحال كذلك فلماذا لا يلتزم هؤلاء السائقين بالأنظمة داخل المملكة؟ مؤكداً أنّ الحل هو إيقاع الغرامات والعقوبات المشددة حفاظاً على الأرواح. تلويث للبيئة وإزعاج وخطر مستمر مع عدم الإلتزام بالسرعة المحددة جهود حثيثة مدير عام مرور منطقة الرياض «العميد.عبدالرحمن المقبل» أكد في حديث سابق أنّ مرور الرياض اتخذ إجراءات جديدة للسيطرة على الكثافة العالية في أعداد السيارات على الطرق الدائرية للعاصمة الرياض، حيث بدأت دوريات المرور في حجز الشاحنات في أوقات الذروة، في خطوة تهدف للتقليل من الازدحام والكثافة العالية لحركة المرور على المحاور الرئيسية ورفع مستوى السلامة على الطرق الدائرية، والتي تشهد كثافة عالية في أعداد الشاحنات في أوقات مختلفة. وأشار إلى أنّ هذه الخطوة اتخذت بعد دراسة طويلة ومتابعة دقيقة لحركة سير الشاحنات على الطرق الدائرية وتأثيرها على حركة المرور على الطرق الرئيسية والمحورية للمدينة، مناشداً ملاك وقائدي الشاحنات مراعاة مواعيد بدء الحجز والعمل على التحرك خلال الأوقات المسموح بها والتي عادة تكون حركة السير أقل من مواعيد الحجز المحددة وذلك تفادياً لحجز الشاحنة. وأوضح «العميد. المقبل» أنّ الشاحنات عُمل لها ترتيب وحدد لها مواعيد للوقوف والانطلاق، مشيراً إلى أنّ إدارة المرور تعاني من مشكلة تسرب بعض الشاحنات إلى داخل الأحياء، موجهاً النداء لأصحاب المصانع والشركات والتجار لتوعية سائقيهم بالتعليمات التي تنص على ذلك، مؤكداً على أنّ التوعية عامل مهم، والأمر لا يعفي مسؤولي المرور من المتابعة ورصد هذه الشاحنات، مضيفاً أنّ الخطوط السريعة تراقب عبر الكاميرات ويضبط المخالفين، ولكن المشكلة في الشاحنات التي تتسرب داخل الأحياء.