جاء القرار رقم (120) الصادر عن مجلس الوزراء الذي نصه: «على الجهات الحكومية التي تصدر تراخيص لمزاولة الأنشطة الاقتصادية استقبال طلبات النساء لاستخراج التراخيص اللازمة لمزاولة تلك الأنشطة، وإصدارها وفقاً للأنظمة والضوابط الشرعية» بمثابة المنصف والمنقذ للمرأة للخوض في شتى المجالات طالما لم تتعارض مع الضوابط الشرعية»، ودعا القرار ذاته وزارة العمل للتنسيق مع وزارة الخدمة المدنية، ووزارة الشؤون الاجتماعية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ أسلوب العمل عن بُعد كأحد المجالات الجديدة التي يمكن أن تعمل من خلالها المرأة، وتنفيذ برنامج الأسر المنتجة، وتوفير الدعم اللازم لإنجاحهما، كما طالبها بالاشتراك مع وزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة الخدمة المدنية، بوضع خطة وطنية متكاملة للقوى العاملة النسائية السعودية، تحدد الاحتياجات الفعلية من القوى العاملة النسائية في مختلف التخصصات، مع قصر العمل في محال بيع المستلزمات النسائية الخاصة على المرأة السعودية. مشروعات تنموية ونصت الفقرة الرابعة من القرار على إقامة مشروعات صناعية تعمل فيها نساء، وتجهيزها بالبنية التحتية والمرافق العامة، وأيضاً تفعيل برامج الأسر المنتجة، والاهتمام بدور المرأة في الصناعة لكونها أحد الروافد الأساسية في التنمية الاقتصادية، واستبشر كثير من سيدات الأعمال والأرامل والمطلقات بهذا القرار الذي لم ينكر على المرأة الخوض في مجالات العمل المختلفة، بينما صدرت في الآونة الآخيرة فتوى من اللجنة الدائمة وجاء في نصها: (لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب البعد عن مجامع الرجال والبحث عن عمل مباح لا يعرضها لفتنتها أو للافتتان بها). "الرياض" من خلال هذا التحقيق أرادت الوقوف على الأسباب التي تؤرق المجتمع من خوض المرأة للمجالات المهنية التي تستحوذها العمالة الوافدة في المملكة؛ برغم وجود الأرامل والمطلقات والمحتاجات لها للكفاية بها عن السؤال كوظيفة البيع والأعمال المهنية في أماكن تجمع النساء؛ في ظل وجود أكثر من 20 ألف خريجة جامعية سنوياً تؤهلها المملكة لسوق العمل في شتى التخصصات العلمية والمهنية، وتحمل 95% منهن لقب عاطلة، وأكد الاختصاصيون أن هناك ما بين 3.5 و5 ملايين امرأة في المملكة قادرة على العمل يعانين البطالة، ولا يشاركن في جهود التنمية داخل بلادهن، ما قد يولد عددًا من المشكلات وعلى رأسها الفقر والانخراط بالإعمال غير المشروعة، كما أنّ نسبة بطالة الإناث في ازدياد مع تزايد فرص العمل، حيث ارتفع معدلها من 21.7% في عام 1423ه إلى 26.3% في العام 1427ه ونسبة عمل المرأة في المملكة تبلغ 5.5% وهي تمثل الحد الأدنى لمشاركة المرأة في قوة العمل في العالم. د. فهاد الحمد سؤال بصيغة أخرى بداية قال المستشار القانوني وعضو برنامج الأمان الأسري بالرياض أحمد بن إبراهيم المحيميد: "إنّ السؤال الذي تم توجيهه لأعضاء لجنة الإفتاء لو أعيد بصيغة أخرى على أعضاء الهيئة متضمناً آلية التطبيق التي تشترط تخصيص أماكن معزولة للكاشيرات لا يقصدها إلا النساء، وأنّ عملهن خلال أوقات النهار وهنّ بكامل الستر والحشمة وبموافقة ولي أمرهنّ، وأنّ فيه سد لحاجات الأرامل والمطلقات وذوات الظروف الخاصة، وأنّ الإشراف عليهنّ سوف يكون عبر عناصر نسائيه متعلمة ومؤهلة وذوات خبرة لكانت الإجابة مخالفةً تماماً لما صدر". التنسيق والمتابعة وتمنى "المحيميد" من الجهات ذات الاختصاص التنسيق والمتابعة مع هيئة كبار العلماء قبل اعتماد أو إعلان أي مشروع جديد خاصةً فيما يتعلق بالأنشطة النسائية، التي أصبحت وللأسف بين مد وجذب وأخذ ورد؛ كي لا يكون هنالك اختلاف أو إنهاء للمشاريع الطموحة لأسباب غير مقبولة، حيث إن العنصر النسائي يشكل 50% من عامة الشعب الذي لو تم الاعتماد اقتصادياً واجتماعياً عليهن لاستطاعت المملكة التخلص من 50% من الأيدي الأجنبية، مناشداً وزارة العمل وهيئة كبار العلماء إصدار آلية تنظيم وتنسيق وتكامل بينهما لوضع قواعد وأنظمة تنظم عمل المرأة وتحميها من استغلال التاجر والمواطن، بحيث تكون يداً عاملةً ومنتجةً، علماً أنّ نظام العمل السعودي لم يمنع الاختلاط وإنّما أوجب أن يكون وفقاً للشريعة الإسلامية. أحمد المحيميد عمل الكاشيرات وعن آلية تنظيم عمل الكاشيرات، أوضح مدير إحدى الشركات التموينية السيد "عبدالعزيز العثيم" أنّ السبب وراء البحث عن موضوع الكاشيرات يعود إلى إلحاح المستهلكات الدائم حول رغبتهن للتعامل مع النساء عند المحاسبة، وذلك لما وجدنه من مضايقات مستمرة وسوء فهم من محارمهن، كما تمّ دراسة الموضوع من قبل إدارة الشركة ووضع آلية مناسبة للعمل تتوافق مع طبيعة المجتمع وضوابط الشريعة الإسلامية بحيث يكون هناك حواجز من جميع الجهات تمنع دخول الرجال وتحفظ الخصوصية للمرأة، ولا يسمح لأي رجل أنْ تحاسبه امرأة إضافةً لرغبة الشركة بتقليل نسبة الأجانب والاستفادة من طاقات وكوادر البلد التي ترى في نفسها القدرة على العمل. لبس في فهم الآلية وعن صدور الفتوى بتحريم عمل المرأة المختلط قال "العثيم": "أرى أنّ الفتوى الصادرة من لجنة الإفتاء يوجد بها لبس لفهم آلية العمل التي ستقوم بها جميع الشركات، وأنّ الغرض منها هو تقليل الأذى الذي تتعرض له المرأة من الكاشير الرجل، كما أنّ عمل المرأة في المجالات المختلطة متعدد فلدينا الطبيبة، والممرضة، والإعلامية، وموظفات المؤسسات والشركات، وكذلك حارسات الأمن، وعاملات النظافة بدورات المياه للمجمعات التجارية"، مؤكداً أنّهم لازالوا متأملين بمجلس الوزراء اتخاذ قرار بشأن هذا المشروع الذي وأد في مهده!. الاستثمار البشري من جهة أخرى رأى عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة الإدارة والموارد البشرية "د. فهاد الحمد" أنّ المملكة استثمرت خلال العقود الثلاثة الماضية مليارات الريالات في تنمية الموارد البشرية من الجنسين تعليماً وتدريباً، وهو استثمار صائب بكل المقاييس؛ لأنّه استثمار في أكثر الموارد أهمية ومردوداً، كما أنّ التقدم الذي تشهده كثير من دول العالم يُعزى في المقام الأول إلى نجاحها في تنمية وتوظيف مواردها البشرية الوطنية، بينما نجد أنّ المملكة لم تحقق النجاح ذاته في توظيف مواردها البشرية وخاصة النساء، وشبّه فرصة المرأة السعودية في العمل "كمن أُعطيت الفأس ومُنعت من الاحتطاب". د. الحمد: نحن متناقضون نمنع «بنت البلد» ونستقدم غيرها التكلفة الاقتصادية وشدّد "د. الحمد" على أنّه ليس من المنطق ولا من الحكمة القبول بالوضع القائم، بحيث تزداد معدلات البطالة بين النساء الراغبات والقادرات على العمل والمحتاجات له، وفي مقابل ذلك تزداد نسب استقدام العمالة من الخارج سنوياً وفي تخصصات ومهن يمكن للمرأة القيام بها وفق الضوابط الشرعية والقيم الاجتماعية، فالتكلفة الاقتصادية والاجتماعية لبقاء هذا الوضع من دون معالجة "عالية جداً" على مستوى المجتمع والأفراد، مشيراً إلى أنّ التقنية الحديثة يسّرت العمل للمرأة، وجعلت مشاركتها في الحركة الاقتصادية للوطن وزيادة الإنتاج الوطني ممكنة أكثر من أي وقتٍ مضى، حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال إنجاز كثير من الأعمال في المنازل وهو ما يطلق عليه "العمل عن بعد". الموارد البشرية وأضاف "د. الحمد" أنّ المنشآت الصغيرة والمتوسطة - التي تعد من أكثر المجالات ملائمة لعمل المرأة - لم تُفعّل لدينا كما يجب، حيث على المستوى العالمي نجد أنّ هذه المنشآت تعد نشاطاً كثيف الاستخدام للموارد البشرية، فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة توظف حوالي (81%) من إجمالي العمالة في اليابان، و(80%) في إيطاليا، و(86%) في الباكستان، و(76.7%) في تركيا، أما لدينا في المملكة فهذه المؤسسات لا توظف إلا حوالي (25%) من إجمالي العمالة السعودية، وأما (75%) فهم من العمالة الوافدة. المحيميد: «السؤال المفخخ»مصدر اللبس! واقع قديم وأصيل من جهتها اعتبرت الخبيرة الاقتصادية ومديرة الفرع النسائي في البنك السعودي للتسليف والادخار "د. نوف العجمي" عمل المرأة السعودية من أهم القضايا التي تحظى باهتمام بالغ من الدولة منذ تأسيسها، كما أنّ عمل المرأة هو واقع قديم وأصيل في المجتمع فقد كانت شريكاً أساسياً للرجل في مختلف الأعمال، موضحةً أنّ قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة متى ما فُعِّل من خلال وضع الأنظمة والتنظيم والإستراتيجيات والسياسات والبرامج، ومتى ما قُدم له ما يحتاج من دعم ورعاية، سيكون قطاعاً واعداً بخلق المزيد من الفرص الوظيفية خاصة للمرأة - صاحبة عمل أو عاملة - وزيادة قدرة المملكة على المنافسة في ظل منظمة التجارة العالمية، ما ينعكس إيجابياً على الجميع وطناً وموطنين. جوانب التنمية وربطت "د. العجمي" التوسع في جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعمل المرأة في المجتمع، وحاجة التنمية إلى أعداد كبيرة من العمالة الوطنية (رجالية ونسائية)، إضافة إلى وجود أنشطة متعددة، ومستجدة تخص المرأة السعودية، كما سيستدعي الأمر أن تدخل المرأة مختلف المجالات والأنشطة لتدير ما يتصل بشؤونها، مؤكدةً أنّ المرأة السعودية أثبتت جدارتها وكفاءتها في كل ما أسند ويسند إليها من مهام وأعمال، وأنّ لديها الاستعداد التام لدخول كافة المجالات التي تخدمها والتي تسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية متى ما توفرت البيئة المناسبة للعمل، التي تعد أكبر حافز لدخول أكبر عدد من النساء السعوديات في رأس العمل سواء كان في القطاع العام أو القطاع الخاص. البيئة المناسبة وأبانت أنّ من أهم عناصر البيئة المناسبة للمرأة، عدد ساعات مناسبة ومتوافقة مع مسؤولياتها بحكم أنّها الركيزة الأساسية في الأسرة، وكذلك وجود حضانات ملحقة بأماكن العمل لتكون إنتاجيتها عالية وما إلى ذلك من محفزات تتناسب ومسؤولياتها في المجتمع، قائلةً: "لن تتردد المرأة في الالتحاق بالمجالات المهنية التي كانت تمارسها في السابق؛ كالأشغال اليدوية والخياطة والتطريز والتجميل، أو ما استجد في الوقت الحالي كالسباكة والكهرباء والنجارة والدهان في المؤسسات النسائية التي سيكون لها أكبر الأثر في سعودة تلك المهن والمحافظة على الأموال المحولة إلى خارج المملكة، إضافةً إلى أنها سترفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل".