سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأسواق الناشئة الأكثر تأثراً من تضخم الغذاء.. والبنوك المركزية أمام تحدي «الأحوال الجوية» الاقتصاديون يستبعدون تأثير أسعار الغذاء على النمو في الأسواق الناشئة
يسبب الارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية صداعا إضافيا للأسواق الناشئة التي تصارع الضغوط التضخمية ولكن من المستبعد أن تدفع واضعي السياسات الاقتصادية لتبني رد فعل قوي. يمكن أن تصفهم بالتهاون ولكن الاقتصاديين لا يتوقعون أن تعجل البنوك المركزية كثيرا بخطى التراجع عن السياسات الميسرة التي تبنتها لمواجهة الازمة المالية رغم أن الارتفاع الحاد لأسعار المواد الغذائية قد يؤدي لتفاقم توقعات التضخم. وقال اقتصاديون لدى جيه.بي مورجان في مذكرة "حتى في الأسواق الناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية التي تواجه أقصى تهديد بارتفاع مستمر للتضخم.. نعتقد أن واضعي السياسات سينهون العام بسياسة تستمر في دعم النمو". وقالت منظمة الاممالمتحدة للاغذية والزراعة (الفاو) إن أسعار الغذاء بلغت مستوى قياسيا مرتفعا الشهر الماضي متجاوزة مستوياتها في 2008 والتي كانت سببا في أعمال شغب في دول من مصر إلى هايتي. وقال جوناثان اندرسون الذي يغطي الاسواق الناشئة لبنك يو.بي.اس إن مؤشرات أسعار الغذاء العالمية ينبغي أن ترتفع بنسبة 50 % اخرى ليكون لها نفس التأثير على التضخم كما حدث قبل ثلاثة أعوام. وأضاف اندرسون أن سوء الأحوال الجوية عرقل إمدادات الغذاء ولكن لم تتكرر القفزة في أسعار الطاقة والاسمدة وما صاحبها من عمليات تخزين وهو ما كان سمة ازمة 2008 ولا يبدو أي تغيير في آليات العرض والطلب الاساسية. وقال في تقرير "في هذه الأجواء ومادام يفترض أن تنامي تضخم أسعار الغذاء العالمية ظاهرة موقتة وما لم تتجدد (كارثة) أسعار الغذاء بالكامل نعتقد أن السياسات التي تنتهجها البنوك المركزية في الأسواق الناشئة في مواجهة الأمر ستظل تتسم بتساهل نسبي". وتغذى أسعار الغذاء الأعلى نسبة تضخم أعلى في الدول الغنية أيضا ولكن التأثير محدود لصغر نصيب المواد الغذائية من الانفاق الاستهلاكي. ومع معاناة الاقتصادات المتقدمة من معدلات نمو أقل من المعتاد فلا مجال يذكر لأن يقود ارتفاع الغذاء لزيادة نسبة التضخم. ومن المستبعد أن يكون لأسعار الغذاء تأثير خطير على النمو أو السياسات في الاسواق الناشئة العام الجاري ويقول اندرسون إن التبعات السياسية لتضخم أسعار الغذاء ومخاوف تشديد مفرط يمكن أن تقلق المستثمرين. وتابع "أوضحت الاسواق الصينية والهندية بالفعل تأثير التضخم على معنويات الاستثمار والاضطراب الأخير في إندونيسيا والبرازيل في مواجهة مؤشر أسعار المستهلكين مثال آخر جيد على ما يحمله المستقبل إذا استمر ارتفاع أسعار المواد الغذائية." ونزلت البورصة الإندونيسية - التي سجلت أفضل أداء بين البورصات الرئيسية في آسيا في العام الماضي- نحو 9 % من المستوى القياسي المرتفع الذي سجلته الأسبوع الماضي جراء مخاوف بضعف أداء البنوك المركزية في مجال معالجة التضخم. وترك بنك إندونيسيا المركزي نسبة الفائدة عند مستوى قياسي منخفض يبلغ 6.5 % الأسبوع الماضي رغم تسجيل نسبة تضخم 7% في نهاية 2010 وهي أعلى من الحد الاقصى الذي وضعه البنك عند ستة بالمئة. وقال اقتصاديون في بنك دويتشه إنه ما من منطق وراء رفع السلطات النقدية أسعار الفائدة إذا كان النمو قويا وأسعار الفائدة المعدلة بعد حساب التضخم سلبية. وأضافوا "نظرا لأن ضغط التضخم في آسيا ينبع في معظمه من السلع الأولية - غالبا الغذاء- نعتقد أن رفع نسبة الفائدة لن يكون بالضرورة رد الفعل الأول لواضعي السياسات." ويبرز رفع أسعار الفائدة عزم البنوك المركزية الحيلولة دون أن تصبح أسعار الغذاء الأعلى أحد العوامل الراسخة في نسبة التضخم الأساسية. والمشكلة التي تواجه صناع القرار في الاسواق الناشئة هي أن رفع أسعار الفائدة في وقت تقترب فيه العائدات في الدول الغنية من صفر سيجذب المزيد من رأس المال المضارب مما يساعد على افراز ضغوط تضخمية في المقام الأول. وبالمثل فإن السماح بارتفاع أسرع وتيرة لأسعار الصرف سيضعف التأثير التضخمي لأسعار الغذاء الاعلى، ولكن قد يجتذب أموال مضاربة وهو أمر مكروه في كثير من البنوك المركزية. فعلى سبيل المثال رغم مخاوف التضخم كشفت البرازيل النقاب عن اجراءات صارمة لمنع بيع الدولار والحد من المضاربة على ارتفاع عملتها المحلية التي صعدت نحو 13 % منذ مايو أيار الماضي. وفي حالة الصين التي تحدد أسعار الكثير من السلع يمكن أن تعزز القوة الشرائية الأعلى لليوان الطلب على كل شيء من فول الصويا إلى خام الحديد. وباختصار ليس أمام البنوك المركزية خيار سوى الدعاء من أجل تحسن الأحوال الجوية وأن تأمل في انحسار الاتجاه الصعودي للأسعار.