"سواها ابن همام" هذه العبارة لم تصدر عن مشجع كويتي محتقن في المدرجات على خلفية خسارة منتخب بلاده من نظيره الصيني في استهلال مبارياته في بطولة كأس أمم آسيا التي تحتضنها الدوحة، وإنما صدرت عن مراسل قناة (الوطن) الكويتية المعروف مبارك الدوسري، الذي لم يتردد لحظة في توجيه أصابع الاتهام لرئيس الاتحاد الآسيوي القطري محمد بن همام؛ غامزاً في قناة تدخله في الأحداث التي صاحبت مباراة الكويت والصين والتي انتهت بفوز الأخير بهدفين نظيفين، والتي شهدت أخطاء تحكيمية كان وراءها الحكم الأسترالي بنجامين وليامز. وشهدت المباراة احتجاجات من الكويتيين على خسارة فريقهم، متهمين الحكم بتغافل احتساب ضربة جزاء في الشوط الأول لمصلحة بدر المطوع، وعدم احتسابه لهدف صحيح من اللاعب نفسه في الشوط الثاني بعدما تجاوزت كرته بكامل محيطها خط المرمى قبل أن يمسك بها الحارس الصيني، فضلاً عن اتهام الحكم الأسترالي بأنه تعامل بقسوة تجاه المدافع مساعد ندا حينما أشهر البطاقة الحمراء في وجهه مباشرة بعد 35 دقيقة من عمر المباراة. واستعاد الشارع الكويتي على إثر الخسارة مباشرة سيناريو "المعركة" الانتخابية التي شهدتها الجمعية العمومية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، والتي كان طرفها رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام، ورئيس المجلس الأولمبي الآسيوي ورئيس اللجنة الأولمبية الكويتية الشيخ أحمد الفهد، رغم أنهما لم يكونا طرفين مباشرين فيها، بيد أن اصطفاف ابن همام إلى جانب الكوري الجنوبي الدكتور تشونغ مونغ جوون، ووقوف الفهد إلى جانب الأمير الأردني على بن الحسين، وهما اللذان تنافسا على مقعد نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم والذي آل في نهاية المطاف للأخير أشعل النيران في الجمعية العمومية؛ خصوصاً وأن العلاقة بين ابن همام والفهد ليست على ما يرام منذ أمد بعيد، بيد أنها تجلت بوضوح خلال الصراع الطاحن الذي شهدته انتخابات الاتحاد الآسيوي على مقعد اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي في مايو 2009 بين محمد بن همام والشيخ سلمان آل خليفة، حيث جند الفهد كل قوته لمصلحة الشيخ سلمان قبل أن يخسر في نهاية المطاف ليكون النصر حليف ابن همام. الكويتيون يتهمون الحكم الأسترالي بتعمد الأخطاء وإهداء الفوز للصين وامتدت ذيول "المعركة الانتخابية" إلى خارج قاعة الكونجرس الآسيوي، وضرب زلزال النتيجة التي صدمت الكثيرين، وأولهم ابن همام ليضرب في عمق بطولة كأس أمم آسيا، وهو ما أظهرته تداعيات الخسارة التي مني بها الكوري تشونغ، وذلك من خلال التصريحات التي أطلقها ابن همام ضد الشيخ أحمد الفهد، والتي حملت اتهامات عنيفة، وتوصيفات قاسية، وهي التي جعلت مراسل قناة "الوطن" الكويتية يجزم بأن وراء الأكمة ما وراءها، إلى حد طالبه فيه مسؤولو الاتحاد الكويتي بالانسحاب من البطولة في حال تكرر "مشهد الظلم والاستقصاد في مباراة أوزبكستان المقبلة". وأضاف في حديثه ل(دنيا الرياضة): "إذا كنا لا ننادي بالانسحاب الآن فذلك تقديراً لقطر؛ لكن ذلك لن يكون على حسابنا، لأن ما فعله الحكم الاسترالي كان واضحاً بأنها ليست أخطاء طبيعية، بل عملية تصفية حسابات من ابن همام، وهذا ليس لساني وإنما لسان الشارع الكويتي". وتابع: "للأسف رئيس الاتحاد الآسيوي نقل "معركة الانتخابات" إلى الملعب، وهو ما سيجعله يندم إن عاجلاً أو أجلاً". وليس الدوسري وحده من رمى حجر الاتهامات في بركة ابن همام، فالمنتديات الرياضية والمواقع الإلكترونية، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي العالمية كموقع "تويتر" و"فيس بوك" حملت الكثير من آراء الجماهير الكويتية التي رفعت راية الاتهامات ضد رئيس الاتحاد الآسيوي. وبالمثل كان المحللون الكويتيون في القنوات الفضائية متشنجين للخسارة، وإن لم يفصحوا في اتهاماتهم ضد ابن همام؛ لكنهم لم يتأخروا في تحميل الحكم الاسترالي بالتسبب المباشر في خسارة فريقهم، بل إن البعض منهم لم يتردد في اتهامه بالتعمد. وبدا اللاعب السابق عبدالعزيز العنبري والمحلل في قناة "الدوري والكأس" الأكثر تشددا تجاه الحكم الاسترالي، مؤكداً بأنه كان وراء الخسارة القاسية "من خلال طرده الظالم، وعدم احتسابه لضربة جزاء وهدف صحيحين".. وأضاف: "لقد ظهر الحكم الاسترالي وكأنه يريد أن يخرج المنتخب الكويتي خاسراً في المباراة. هذا ما كان واضحاً في كل قراراته". وشاطره المدرب السابق للمنتخب الكويتي محمد إبراهيم والذي يحلل معه في ذات القناة في رأيه، مشيراً إلى أن فريقه لم يكن يستحق الخسارة لولا أخطاء الحكم بنجامين وليامز. ولم يكن اللاعبان السابقان عبدالله وبران المحلل في قناة "أبوظبي الرياضية"، ومؤيد الحداد المحلل في قناة "الكويت الرياضية" بعيدين في اتهاماتهما عن زميليهما السابقين؛ إذ صبت اتهاماتهما في ذات الاتجاه. وكان أكثر ما لفت في أعقاب خسارة المنتخب الكويتي هو الاستقبال الذي حظي به اللاعبون بعد عودتهم لمقر سكنهم، حيث استقبلهم الشيخ أحمد الفهد في مدخل الفندق استقبال الأبطال، إذ كانت القبلات عنوان الاستقبال، وهو ما أظهر بوضوح بأن مسؤولي الاتحاد لا يحمّلون اللاعبين المسؤولية المباشرة للخسارة، وفي ذلك إشارة مبطنة لغير جهة، والأيام المقبلة حبلى بالمواقف.