لا يختلف اثنان على أهمية وحساسية مهنة التثمين العقاري في أي سوق عقاري في العالم فهي مهنة أساسية يعتمد عليها الاقتصاد بشكل غير مباشر ومن أهم دعائم اقتصاديات الدول العالمية الكبرى وأي خلل في مراقبة أعمال تلك المهنة ستكون عواقبها وخيمة كما حصل في أزمة الرهن العقاري الأمريكي عام 1985م حيث كانت السبب في الكساد الذي دخل فيه جميع قطاعات الاقتصاد الأمريكي بسبب التجاوزات في التثمين العقاري في تلك الحقبة وعلى أثرها تم تأسيس مؤسسة حكومية بمسمى مؤسسة التثمين العقاري تتبع في سلطتها وشرعيتها للكونجرس الأمريكي الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية في البلاد وهذا نظراً للأهمية التي تتبوؤها هذه المهنة. لك عزيزي القارئ أن تتخيل مدى حساسية تلك المهنة على دول اقتصادية ناشئة كالسعودية وخصوصاً مع توقعات قرب إقرار نظام الرهن العقاري والذي يعتمد على التثمين العقاري والذي مع الأسف لا تزال تلك المهنة تطالها عشوائية وعدم رقابة، فيمكن لأي شخص أو مكتب أن يدعي أنه مقيم أو مثمن عقاري ويقوم بإعطاء سعر تثميني لعقار غير صحيح أو حسب ما يمليه عليه مالك العقار دون أدنى مسؤولية على المقيم ويبرر ذلك بكل بساطة بأنها وجهات نضر ولا توجد جهة رسمية تراقبه وتلزمه بتطبيق المعايير العالمية للتثمين والذي ستكون نتيجته كارثية مستقبلاً على السوق بشكل عام لو تفشت تلك العشوائية من دون رقابة لا سمح الله ولن تطال أضرارها السوق العقاري فحسب بل وجميع القطاعات الأخرى كما حصل في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث انهارت المؤسسات المالية بالكامل مع انهيار الرهن العقاري. لست ممن ينادون بمنع العقاريين من ممارسة تلك المهنة التي تعتبر أساسية لبعضهم أو جعلها حكراً على فئة معينة ولكن أطالب بأن تعار لها أهمية ويطالها ما طال القطاعات الأخرى من ضوابط وسياسات فيجب على كل من أراد أن يمارس تلك المهنة أن يعي مالها وما عليها ويعلم أن هناك جهة تراقبه وتحاسبه إن أخطئ ولا يترك دون رقيب أو حسيب فكما يقول المثل من أمن العقوبة أساء الأدب. إن المعايير العالمية للتثمين العقاري تكون بمثابة الهيكل الأساسي لعملية التثمين وهي الدخل – المقارنة – التكلفة ولكن من الضروري أن يملك المثمن خبرة عقارية في تطبيق تلك المعايير ليتفادى أي خطئ في عملية التثمين. وأخيراً يجب أن تتبنى جهة رسمية تنظيم تلك المهنة واستغلال فرصة الركود الاقتصادي العالمي هذه الأيام وتنظيم تلك المهنة استعدادا للطفرة العقارية القادمة لتكون أكثر نفعاً وأطول عمراً بإذن الله.