مصطلح الحوكمة (Governance) وهو الشعار الإصلاحي الجديد الذي شاع كثيراً منذ عام 1997م مع انفجار الأزمة المالية العالمية ويعني القواعد والنظم والإجراءات التي تحقق أفضل الممارسات الحمائية والمتوازنة لأي منشأة أو كيان مؤسسي لتلافي أي تضارب في المصالح خاصة في إدارة الشركات ومجالس إداراتها، والتنبؤ بالمخاطر قبل وقوعها ، هل هو منهج انتقل من إدارة سياسات الدولة إلى إدارة القطاع الخاص أو العكس؟ هذا التساؤل كان محل اهتمام وبعد استراتيجي بعد الاتجاه الجديد لرفع الكفاءة الاقتصادية لكل منشأة سواء حكومية أو خاصة ، ومع أن هذا المصطلح والمفهوم يبدو جديداً في التطبيق ولا يزال حديث عهد في كثير من مؤسسات القطاع الخاص إلا انه بدأ يأخذ حيزاً كبيراً في أعمال الشركات وسبل الرقابة فيها ، نحن نعلم أن الحكومة تستخدم مفاهيم ومصطلحات الرقابة والمراجعة في حماية مصالحها ، بينما في شركات القطاع الخاص تتنوع سبل الحماية من الرقابة إلى المراجعة إلى التدقيق الى المسائلة وكشف حسابات المقربين من الإدارة ، ويتضح ذلك جلياً في أعمال هيئة سوق المال مؤخراً وبعض البنوك ومؤسسة النقد ،والتي اتجهت بعد الممارسات الخاطئة في سوق الأسهم من تطبيق هذه المبادئ والمعايير والإجراءات التي تمثل مصطلح الحوكمة في الشركات بوضوح تام ، ولكن التطبيق الكامل لا يزال في مقتبل البدايات التي تحتاج الى قرارات صارمة وحوكمة حازمة لضمان عدم تداخل وتضارب المصالح واستغلال الثغرات في تحقيق مكاسب غير شرعية . إن أهمية هذا المفهوم وتأثيره على الاقتصاد الدولي جعله شعارا للمنتدى الدولي الاقتصادي بدافوس لكي يدرك القياديون ان الحوكمة الفعالة هي الطريق للكفاءة وتحقيق الأهداف لأي منظمة. من وجهة نظر شخصية ان هذا المصطلح لا يقتصر على الحكومة وحدها ولا على القطاع الخاص وحده ، وهو أداة فاعلة لتقويم الأمور وضمان الكفاءة والأداء الفعال لأي منظمة عامة أو خاصة أو خيرية أو غير ربحية ، والتأكد من عدم اساءة استخدام السلطة والنفوذ لتحقيق مكاسب غير شريفة وغير شرعية ، ومن تمكن من تطبيقها على الوجه الأمثل فهي الأمان له ولمنظمته في تحقيق النجاح المتواصل ، وبالتالي ليس هناك انتقال للمفهوم من الحكومة إلى القطاع الخاص أو من القطاع الخاص إلى الحكومة ، فهي فكر وتاريخ قديم لفكر حديث وثقافة سائدة تحتاجها جميع المنظمات والمؤسسات بشرط سلامة وأمانة التطبيق الفعال ، وهنا أشيد بكثير من المؤسسات والمنظمات الحكومية والشبه حكومية التي بدأت في تطبيق معايير الحوكمة على أعمالها وجعلتها من الأولويات في هياكلها الإدارية واستراتيجياتها الجديدة ، فهي لا تقتصر على الأمور المالية وحدها ، إنما فكر جديد وجدير بضبط العملية الإدارية بكافة أبعادها ومحاورها لإحقاق الحق وتلافي اية استغلالات قد تحدث في اي جهاز ، يبقى نجاح كل ذلك مرتبطا بأمر هام جداً وهو حوكمة الضمائر التي ستتولى التطبيق ، فان كانت ميتة ،ماتت معها الحقيقة ، وان كانت حية ، فقد نبضت الضمائر بالحق وصارت الحوكمة هي الحقيقة نفسها ، نريد حوكمة ضميرية قبل ان تكون حوكمة ادارية ولنا في فاجعة وكارثة سيول جدة خير دليل.. **خاطرة لا تعتمد كثيرا على أحد في هذه الحياة فحتى ظلك يتخلى عنك في الأماكن المظلمة !