ليس غريبا أن يبزغ نجم جريدة الرياض، فهي تلقفت توجيهاتها من الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض عقب صدورها في الأول من أيار (مايو) 1965م. في ذلك اليوم توجه مندوب الجريدة لأخذ مرئيات حاكم الرياض والاستماع إلى توجيهاته عن المولود الجديد، هذه التوجيهات جاءت بمثابة خارطة طريق واستراتيجية أساسية في تعاطي المطبوعة مع المنتج الصحفي مع هدير مطابعها كل صباح. إن فوز جريدة الرياض بجائزة أفضل صحيفة عربية هو فوز للسعودية وللصحافة والإعلام السعودي، وهي جائزة لنا جميعاً، كما أبارك ل»الرياض» تفوقها وتميزها «سلمان بن عبدالعزيز» قال الأمير في ذلك الحين "الرياض الجريدة كأي مولود يولد في يومه الأول يحتاج الحكم عليه إلى وقت أطول، لكني مسرور جداً أن تصدر في الرياض العاصمة جريدة يومية لأنها تسد نقصاً وفراغاً كبيرين والذي أرجوه لجريدة الرياض أن تبحث عن المتاعب لأن الصحافة مهنتها البحث عن المتاعب وألا تقفل على نفسها في برج عاج ثم تنتظر مني أو من أي مسؤول حكومي أو أهلي أن يتناول سماعة الهاتف ويمدها بالأخبار أولا بأول". ..ويتحدث مع الزميل رئيس التحرير لدى مغادرته مقر الجريدة ويضيف موجهاً، يجب أن تدخل في كل مكتب وتنزل في كل شارع وتأخذ الخبر من مصدره فلا تنشر أكثر من الواقع ولا تبخس شيئا حقه أو تعطيه من الأهمية أقل مما له، كذلك آمل أن تعكس شعور المواطنين في المدن والقرى والبادية وأن تكون متجاوبة في مطالبهم إلى أبعد مدى" "الرياض" 2/5/1965م. 2010م : فوز جريدة الرياض بجائزة أفضل صحيفة عربية هو فوز للصحافة والإعلام السعودي واليوم يقطف أمير العاصمة ثمار توجيهه بصحيفة حققت الريادة محلياً وعربياً وآسيوياً، ليقول عنها خلال تشريفه احتفالية الرياض بفوزها بجائزة أفضل مطبوعة عربية في 2010: "إن فوز جريدة "الرياض" بجائزة أفضل صحيفة عربية هو فوز للسعودية وللصحافة والإعلام السعودي لافتاً إلى أن جائزة "الرياض" هي جائزة لنا جميعاً مقدماً بهذه المناسبة شكره لأسرة تحرير "الرياض"على دعوتها ومجدداً مباركته لها على هذا التفوق والتميز" "الرياض" 26/12/2010. 1965م :مسرور جداً أن تصدر في الرياض العاصمة جريدة يومية لأنها تسد نقصاً وفراغاً كبيرين ولم يفوت الأمير سلمان الحضور الإعلامي الذي شهدته احتفالية الرياض ليخاطب الإعلاميين مبينا أهمية الصحافة لخدمة الأهداف الوطنية، إذ قال "إننا في دولة نرى فيها يومياً ولله الحمد التطور والتقدم والصحافة جزء من المجتمع السعودي وتطورها يمثل تطور البلد، وبلادنا تستحق منا جميعاً العمل فهي بلاد الحرمين ومهبط الوحي التي يتجه لها المسلم خمس مرات يومياً وفيها النبي العربي الذي أنزل عليه القرآن بلغة عربية وكما هي فخر لنا هي حمل علينا ويجب أن نتحمل الحمل، مضيفاً أن الدولة منذ نشأتها تعمل كذلك وأننا دولة من شعبنا وفي شعبنا ودائماً متفقون على البر والتقوى ونشكر الله على ذلك ونقول الحمد لله الذي جمعنا في هذه المناسبة. نهج سلمان في التعاطي مع الصحافة لم يتغير ولم يتبدل، لأنه ينطلق من ثوابت أصيلة وفكر لا ينضب، ففي لقائه مع الرياض يحدد لمندوبها مجالات يستهدفها فيما لو كان صحافياً، وهي الدعوة للإيمان بالله والعمل بكتاب الله وسنة رسوله، الدعوة لخدمة بلادي ورفع شأنها، والإخلاص والتفاني في خدمتها فعلا لا قولا، دعوة رجال بلادي ونسائها للعمل بالتقاليد العربية والابتعاد عن الانغماس في حياة الترف التي يتسم بها عصرنا الحاصر. الأمير سلمان يكرم مشتركي الرياض القدامى ويبدو الزميل سليمان العصيمي ويضع في ذلك الحين يده على مواضع الخلل في الصحافة السعودية، فهو يرى أنها تفتقر إلى التخصص، كما أنه يلاحظ على كتابها التطرق إلى مواضيع مهمة غير ملمين بها، بجانب ما تواجهه الصحافة من عقبة الطباعة وعدم توفر الفنيين، فضلا عن بعد الصحافة عن تصوير الأحداث العالمية التي يجب أن تعيشها وتنقلها للقارئ السعودي أولا بأول. "الرياض" 2/5/1965م. واليوم وبرؤية متجددة تواكب الحراك الثقافي والاجتماعي يختزل الأمير سلمان العلاقة بين السلطة والصحافة، محددا مسؤوليات الصحفي وواجبات المسؤول، فهو يصف علاقته بالصحافة بأنه وثيقة، ويقول "أنا علاقتي مع الصحافة كما تعلمون وثيقة فأنا ناقد ومؤيد عندما أرى شيئاً أعتقد أنه يجب أن ينقد وإن اقتنعوا فهذا طيب ولله الحمد، وكذلك سبق أن قلت إنني أقرأ في الغالب كل المقالات في الصحف التي لها صلة بعملي أو بالعمل العام وإن وجدت نقداً هادفاً شكرت صاحبه لأنه يعطيني الحقيقة وإن وجدت نقداً لم يتحرَ صاحبه الحقيقة وجدتها فرصة أنه أعطاني فرصة أن أصحح ما قال وهذا فيه فائدة". ودعا جميع المسؤولين إذا نشر في الصحف شيء وهنالك شيء خلافه أن ينشروا الواقع حتى يكون المواطن على بيّنة، كما دعا أمير الرياض الصحافيين إلى تحري الحقيقة مشيراً إلى أن بعض الصحف تنشر أحياناً عن مشروع معين وبعد ذلك نجد كاتباً يطالب بتنفيذ هذا المشروع، داعياً سموه الكتّاب والصحافيين إلى قراءة صحفهم والصحف الأخرى حتى يكون النقد هادفاً. "الرياض" 26/12/2010. وما بين التاريخين 1965 2010 تحمل كلمات الأمير سلمان مضامين إنسانية واجتماعية تهدف إلى تطور المجتمع والرقي بأدواته، باعتبار أنه يقع على الصحافة مسؤولية الرقابة الاجتماعية، وأن هذا الرقيب الاجتماعي يجب أن يتسلح بأدوات المعرفة ومسؤولية النشر، إنها كلمات تحمل روشة نجاح للعمل المهني المسؤول من القارئ الأول صديق الصحفيين.. سلمان بن عبدالعزيز.