اجتاح فضاء الإعلام الرياضي السعودي في الآونة الأخيرة سرباً من المتطفلين مِمّن رسبوا في امتهان العمل الإداري والفني في الأندية، فراوحوا يجربون حظهم في ساحة الإعلام، حيث وجدوها مفتوحة على مصراعيها، بما فيها من مطامع الشهرة، ومغريات حب الظهور، فاقتحموها مزاحمين أهل المهنة في سوق الإعلام، لا من خلال بضاعة مكتنزة بالفكر السوي، ومزينة بالطرح الراقي، وإنما ببضاعة (مضروبة) محشوة بالتطرف، ومغلفة بالتهريج. وفي حين لا يملك هؤلاء المفلسون أي رصيد إعلامي، ولا حتى حساب في بنك المهنة، وأنّى لهم ذلك، وهم الذين جاءوا إلى الساحة الإعلامية الرصينة، إما ب (برشوت) العلاقات؛ إذ اخترقوها عبر بعض المتمصلحين فيها، أو من نوافذ بعض (الدكاكين) الإعلامية الرخيصة، التي يقودها بعض المتاجرين بالإعلام؛ إلا أنهم – ويا للأسف- صاروا يوصِِّفون أنفسهم بتوصيفات أقلها إعلامي أو كاتب، في وقت لا يتورع البعض منهم في تقديم نفسه كناقد رياضي. يساعدهم على هذا التجاوز المؤسف، وهذه الجرأة المفرطة مسؤولون في بعض المؤسسات الإعلامية المقروءة أو المرئية. المصيبة الكبرى أن هؤلاء المتطفلين لم يكشفوا عن الوجه الحقيقي لهم، وهم يطرحون بضاعتهم الرخيصة، ويسوقون لفكرهم السقيم من خلال وظائفهم الحقيقية، وإنما مارسوا فضائحهم الإعلامية التي غصت بها الساحة، وتجاوزاتهم التي لوثت فضائها، وهم يرتدون بزة الإعلام، فغالبيتهم لهم من السقطات الإعلامية ما يندى لها الجبين. ولعل جولة سريعة على (اليوتيوب) ستفضح هذا الواقع المزري. فضلا عما تختزنه ذاكرة المتلقي من الكثير من تلك المواقف. وكيف لا يحدث ذلك وثمة منهم من لا بضاعة له غير الصوت العالي، والفكر المشوش، والطرح الممجوج، ما قد يجعلك تراهن مع نفسك أنهم قد ضلوا الطريق، فوجدوا أنفسهم في أستوديو إحدى القنوات الفضائية، ومنهم من لا أدوات لديه غير أدوات مسح الجوخ، وتقديم عرائض المديح لمن يستحق أو لا يستحق، وبمناسبة أو بدون، وهؤلاء شحاذون وإن بنسخ مطورة، وآخرون لا تجدهم يفتحون أفواههم إلا ويتساقط منها بذيء القول، وشنيع الكلام، حتى لتشعر أن بينهم وبين التأدب عداوة، وبينهم وبين الرزانة خصومة، أما البعض الآخر منهم فقد تجده يرهن تاريخه الإعلامي إزاء قضية ما في تحدٍ صارخ، وجرأة متناهية، فتحسب أنك أمام إعلامي أمضى عمره في دهاليز الإعلام، وأفنى حياته في ساحاته!. هذا هو الواقع الإعلامي المؤسف الذي أنقله على حقيقته دون أن أتعمد السخرية من أحد ما، أو الإسقاط على حدث معين، فلست بحاجة لذلك، فالمشهد ينطق بما أعجز عن روايته، بل إنني أخشى أنني قد شوهت الحقيقة، وإلا فهؤلاء الطفيليون الذين باتوا يقتاتون على مائدة الإعلام قد تكفلوا بتقديم فرجة مجانية لنا، بما فيها من تلاوين الفكاهة ما يجعلنا نضحك حتى نستلقي على أقفيتنا، ومن صنوف الإسفاف ما يجعلنا نبكي على واقعنا، بل إننا أصبحنا نضحك في وقت ينبغي فيه أن نبكي، وكل ذلك من شر البلية. وأعود من حيث بدأت، لأؤكد على أن هؤلاء المتطفلين على الإعلام الرياضي، وإن امتازوا بفن (الفهلوة) الذي من خلاله استطاعوا اختراق الساحة الإعلامية والتمكن فيها؛ إلا أنهم ما كان لهم ذلك، لولا أنهم وجدوا فيها مسؤولا متمصلحا، أو آخر لا ثقافة له إلا ثقافة "الجمهور عاوز كده"، وكلاهما من الآفات التي يعاني منها الجسم الإعلامي.