قدم المشهد الإعلامي السعودي في العقد الأخير نوعية جديدة من الإعلاميين، لاعلى أنهم صحافيون أو نقاد رياضيون وإنما كخبراء، فمنهم من قدم نفسه كخبير قانوني، وآخر كخبير في الاقتصاد الرياضي، وثالث كخبير في الإدارة الرياضية، ورابع كخبير فني، وغيرهم أكثر كخبراء في كل شيء، أي (بتاع كله). وعلى الرغم من أن بين أولئك الإعلاميين ممن أمضى في الوسط الإعلامي ردحاً من الزمن، إلا أنهم طوال تلك الفترة لم ينتجوا شيئاً مما يشفع لهم بأن يحملوا صفة الخبير في أي مجال من مجالات الرياضة، عدا براعتهم في تسويق نفسهم كخبراء في التعصب والإسفاف، إذ ظلوا يتسكعون في شارع الصحافة حاملين على ظهورهم بضاعتهم (المضروبة) التي ظلوا يفترشونها من ناصية إلى ناصية، فلا يكاد يستقر بهم المقام في واحدة حتى يقذف بهم إلى أخرى. وقد ساهم فتح أبواب الصحافة الورقية والإعلام المرئي أمامهم على مصاريعها كدكاكين يبيعون فيها ما يشاؤون في إعادة تدوير بضاعتهم الفاسدة ليقدموها كمنتج جديد وبمسميات جديدة، في الوقت الذي برز فيه جيل آخر يمكن أن يصدق عليهم مصطلح (الفهلويون الجدد)، وهم الجيل الجديد من الصحافيين المتعصبين الذين بدا واضحاً أنهم استفادوا من تجارب سابقيهم في التعصب الرياضي، والردح الإعلامي، فدخلوا سوق الإعلام ببضاعة مغايرة عن تلك البضاعة، في شكلها وإن بدت شبيهة في مضمونها؛ لكن حجم المزركشات فيها غطى على القبح الذي يعتريها، بيد أن المصيبة الكبرى والطامة العظمى أن من بين هذه البضاعة ما هو (مسروق)، وليس (مضروباً) وحسب!. وبين هؤلاء وأولئك ابتلى وسطنا الرياضي - الإعلامي بمتطفلين ممن فشلوا في كل المضامير الرياضية التي هرولوا فيها، فبعد أن اكتشف البعض منهم فشلهم في الجانب الفني بعد أن جربوا حظهم فيه، ركبوا مطية الإعلام الرياضي، ليقينهم بأن هذا الوسط بات متاحاً لكل من هب ودب، فصاروا فيه -فجأة وبلا مقدمات- خبراء فنيين، ومحللين بارعين، ومثلهم في ذلك بعض من الإداريين الذي لفظتهم الأندية لخوائهم المعرفي، وسطحيتهم الفكرية، فذلفوا لساحة الإعلام كخبراء إداريين يسيرون فيها الهوينة، رغم أن البعض منهم قد أخذ اعرابي بئر زمزم قدوة له، فصار يهرف بما لا يعرف، ويفتي بما لا يدري. وإن كان ثمة عتب فليس على هؤلاء المتطفلين، ولا على أولئك الفهلويين، وإنما على الجالسين على سدة الإعلام بكافة أنواعه، بسماحهم بمرور خبراء (التيك أوي) دون جوازات معرفية، ولا بطاقات مهنية، فكان أن لوثوا ساحة الإعلام الرياضية بسموم أفكارهم المتطرفة، وبغثاء فكرهم الضحل، فضلاً عن هبوط مؤشر نظرة المتلقي للإعلام الرياضي، وسيظل الأمر مرشحاً لمزيد من التدهور ما لم تكن هناك مبادرات لإيقاف هذا المد الإعلامي الخطير.