تختلف الرؤى حول أسباب النجاح لأي عمل فني عادة، لكنها دائماً ما تُعزى إلى طواقم الممثلين أو الجزء الفني، في الوقت الذي يتناسى الجميع صاحب الفكرة أو الكتاب المعنيين بصياغة سيناريو تلك الأعمال الفنية، خاصة فيما يتعلق بالأعمال الكوميدية. وقد اقتحمنا مؤخراً كواليس برنامج "كوميدو" الذي تبثه قناة 1MBC وتحدثنا مع كتابه الشباب عن تجربتهم في هذا البرنامج وقد أكدوا أن لديهم العديد من الأفكار وسيقدمون المزيد في ظل انضمامهم إلى مجموعة MBC من بوابة شركة سيناريو التي يرأسها د. عمار بكار ويشرف عليها المخرج ثامر الصيخان والذي تمكن في "كوميدو" من تقديم تجربة لافتة في الدراما السعودية تتمثل بورشة السيناريو التي يقوم عليها كتاب سعوديون شباب سيتركون أثراً كبيراً في المستقبل. بدايتنا كانت مع الكاتب حازم الجريان أحد كتاب "كوميدو" الذي تحدث عن تجربته في كتابة سيناريو سكيتشات العمل وقال إنه يحاول عادة تسجيل كل ما يجعله يبتسم في حياته اليومية، وتحديد ما إذا كان من المناسب تحويله إلى سكيتش، وبالتالي يقوم بعدها بطرحه على زملائه في ورشة الكتابة في الشركة، والذين بدورهم يساعدونه في تعديل النص، وتطويره قبل الموافقة عليه من قبل مدير الورشة، ثم يتم طرحه على المخرج لأخذ الموافقة النهائية، ويضيف أن ما ساعدهم على الإبداع هي فرصة التفرغ التام التي منحت لهم مع توفير بيئة عمل احترافية مناسبة للعمل الإبداعي وتبادل الخبرات. واعتبر أن ثمرات مثل هذا الجهد في برنامج كوميدو ستظهر واضحة من خلال الأعمال القادمة وأيضاً من إعداد جيل جديد من الكتاب يعمل بطريقة مختلفة وأكثر احترافية، وحول قياسه نجاح "كوميدو" وعن تراتبية اعتماده على إبداع الكتاب وإتقان الممثلين ورؤية المخرج، مشيراً إلى أن الرد سيكون "كليشيه" لو قلت الجميع، لكنه صحيح، مؤكداً أن الحدود بين الأطراف الثلاثة (الكتاب، الممثلين، المخرج) ليست قطعية وصارمة، مشيراً إلى أن المخرج في كوميدو هو أيضاً كاتب، ودائماً ما يتواجد معنا في ورشة الكتابة، كذلك ينطبق الأمر على الممثلين الذين كان لهم حضور مميز في جلسات الورشة. الحلوة: الكتاب الشباب مختلفون وبعيدون عن التقليدية وأبان: "أن الدعم للموهوبين دائماً ضرورة، سواء كان حكومياً أو تجارياً إذا كنا جادين بالفعل في تطوير التلفزيون الخليجي"، مفيداً أن كوميدو بوصفه برنامج سكتشات هو اختبار جيد لغزارة الأفكار ومستواها، وقال: "لا أبالغ عندما أقول أنه مقابل كل فكرة تظهر على الشاشة هناك عشرة أخرى يتم رميها جانباً". من جانبه يقول الكاتب حسام الحلوة وهو أحد كتاب "كوميدو" بأن آلية كتابة النصوص والأفكار للبرنامج تكون من خلال اجتماعات منتظمة لورشة الكتابة تتم مناقشة الأفكار التي بحوزة كل كاتب بحيث تطور وتتشكل إلى أفضل ما يمكن بما يلائم طبيعة البرنامج وخصائصه. بعد ذلك تأتي مرحلة كتابة النص التفصيلي النهائي، ثم أخيراً مراجعته وإرساله إلى فريق الإنتاج. الأفكار يستمدها الكتاب من خيالهم أحياناً، ومن حياتهم الخاصة في أحيان، ومن الأحداث المعاصرة في أحيان أخرى، موضحاً أنه وفي اجتماعات الورشة أحياناً تبدأ الفكرة بشكل، وتنتهي بشكل مختلف تماماً. وعن دمج الكتاب المعروفين مع المواهب الشابة لنيل الخبرة يقول الحلوة إن مجموعة MBC لديها إيمان شديد بكتابها وقدراتهم، وتدرك أن المشهد التلفزيوني بحاجة إلى التغيير، وبحاجة ماسة إلى تجديد الدماء والتنوّع، فبالتالي "كوميدو" وغيره من مشاريع مقبلة يقوم عليها كتاب شباب. ولا يحب الحلوة وصفهم بالشباب فقط، بل هم كتاب يتميزون بالإطلاع المقارن والرؤية المتجددة وبعيدون كل البعد عن التقليدية. وأشار إلى أن النضج، يفرزه الوعي بالدرجة الأولى، والإدراك للحاجات المتجددة لدى المشاهد، والمعرفة القريبة للتغير الذي طرأ على تركيبة المشاهد العربي والخليجي تحديداً في السنوات الأخيرة.. "خبرات الكتاب المعروفين" قد تكون ليست الأنسب لمواكبة ذلك التجدد والتغير، مبيناً أن "سيناريو" تعطي أولوية للمنتج النصي، وتوفر بيئة ممتازة للكتاب. وستحدث فرقاً بكل تأكيد في المشهد التلفزيوني. ريماس منصور في لقطة من «كوميدو» وأكد أنه لا يمكن لأي عمل تلفزيوني أن يعتمد على واحد فقط من هذه العناصر، العملية جماعية وتكاملية، معتبراً أن طاقم التمثيل موهوب للغاية ومبدع وأنهم سعداء للغاية بالتكامل والتواصل والصداقة فيما بينهم، والمشاركة في الاجتماعات العملية التي شاركوهم بأفكارهم ومرئياتهم، وشدد على أن المخرج ثامر الصيخان، كان جزءاً أساسياً من الورشة في بدايتها قبل أن ينتقل للتصوير في بيروت ليدير العملية الإنتاجية ويمارس دوره في تحويل النص إلى مادة مرئية مكتملة. وعن شح برامج دعم المواهب وغياب آلية احتضان الموهوبين بالذات في مجال كتابة السيناريو، قال الحلوة: "لا أعرف إن كان هنا شح في البرامج أم شح في المنتسبين إليها. مشكلة العملية الانتاجية في السعودية تحديداً أنها تكاد تكون غير معلنه، وهي أقرب للعمل في الخفاء رغم أنها قانونية تماماً، فبالتالي لا يوجد تحديداً سوق "عرض وطلب" بين أصحاب الإنتاج والقنوات الفضائية وأصحاب المواهب في السعودية. بالإضافة إلى أن هناك عوائق اجتماعية أمام الفرد للانتساب للمجال الفني بشكل عام، وربما يصعب العثور على كتاب شباب حتى لو استهدفتهم جهة معينة من خلال الآليات الحالية. فلا نستطيع أن نلقي اللوم بالكامل على تلك الجهات". وعن تأثير عدد النصوص في كوميدو على المخزون الإبداعي لدى كتاب البرنامج قال الحلوة: "الذي لا يعرفه الكثير، أن "كوميدو" ليس إلا البداية، وأن ورشة كتابة "كوميدو" هي واحدة فقط من مجموعة ورش. هناك أكثر من ستة أعمال أنجزناها هذه السنة، منها ما هو جاهز وسيبدأ تصويره قريباً ومنها ما هو لا يزال قيد الكتابة، ومجدول تصويره للعام المقبل".